التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, ٢٠١٨

إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ

محطات يوم الحشر والنشر على الله تعالى

ان الواقف على الايات القرانية التي تتناول مسالة حشر الناس يوم المحشر يجدها متعددة المقاصد والمواقف من جهة الاذن بالكلام او الاعتذار او عدم الاذن .  ونحن بإذن الله تعالى نريد في هذه الوقفة السريعة والوجيزة  أن نشير الى نكتة لطيفة في المسالة وما توفيقي الا من عند الله .   1 -  قوله تعالى (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ ۖ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْ مَٰ نِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا . نلاحظ في الاية المباركة ان الناس يوم العرض على الله تعالى أصواتهم خافضة وخاشعة من شدة ما يرون فلا يُسمع الا الهمس وهو صوت الخفي او حركة الاقدام . 2 - قوله تعالى ( هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ ( 35 ) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ) وهنا ايضا نلاحظ ان الاية تبين ان ذلك اليوم لا  يؤذن بالنطق والكلام والاعتذار . 3 - قوله تعالى ( وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا انا كنا لكم تبعا فهل انتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء ). في هذه الاية المباركة نلاحظ ان الاية تشير الى مسالة الكلام بين الضعفاء والمستكبرين . 4 - قوله تعالى ( ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَ

أهمية الايمان بالغيب

حينما نُلقي نظرةً حولَ إيمان المؤمنين نجدهم متفاوتين من حيث الطاعة والالتزام والخشية والمعرفة الخ... وهذا التفاوت الحاصل بينهم لم يحصل اعتباطاً أو جاء قهرا إنما هو ناشئ من اسباب كثيرة ومن أهمها بل تعدّ على هرمها هي مسألة الايمان بعالم الغيب كالإيمان بالحساب والميزان والجنة والنار . ولذا تجد بعض المؤمنين لا يقترب من الحرام وان كان صغيرا وحقيرا ولو اعُطيت له الدنيا بما فيها لان قلبه انعقد على أمر غيبي وهو ان الدنيا لا قيمة لها وأنها زائلة وفانية وخداعة وإن المعصية فيها غضب الله سبحانه . اما الاخر تجده يترنح بين الطاعة والمعصية يميل مع نفسه الامارة حيث مالت ويتبعها في هواها أينما سارت. ولذا كُثر التأكيد من قِبِل الآيات القرآنية والروايات على ضرورة الزهد بالدنيا وعدم التعلق فيها على نحو الاستقلالية إنما تأخذ منها ما تحتاجه في حياتك من حلّها وتدع الفضول منها وحرامها لكي لا يتعلق قلبُك ولبُّك بجمالها. ثم هناك نقطة جديرة بالذكر وهي ان الايمان بعالم الغيب صحيح هو يتفاوت بين المؤمنين كما ذكرنا ولكن هو ايضا فيه قابلية لزيادة والنقصان وهناك عوامل عديدة تساعد على تقوية الإيمان كذكر ال

قال تعالى ( فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)

قال تعالى ( فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ( 16 ) حينما يكون نظرةُ الإنسان سطحيةً ولا تتجاوز مراحل الغيب والإيمان بالاسباب المرتبطة بالحكمة الالهية فلا شك من حدوث بعض التقّلب والاعراض في قلب الإنسان. لأنه يميل إلى الأمور المحسوسة والمعجّلة كالرزق السريع والوفير والذي لا يقبل النفاد ولا  الزوال ما دام موجودا في عالم الطبيعة!! فإذا كان الأمر كذلك تجده في سعادة ورضا من جهة الحكمة الالهية وعلاوة على ذلك يعتقد في قرار نفسه أن الله تعالى قد أكرمه باستحقاق لا بتفضل منه سبحانه ولا  لأجل أن يختبره ويرى مدى سعة وقوة ايمانه واخلاصه له سبحانه. ومن الجهة الاخرى نجد الذي قد ضُيّق عليه في الرزق لحكمة الهية يجهلها الفقير المعسر تراه ينصب غضبا على ربه وخالقه لانه بهذا التصرف قد تسبب في اهانته !! مع العلم أن الفقير والغني كلاهما في بودقة الاختبار والامتحان فلا الفقر والتضيق يدلان على اهانة العبد من قِبِل السماء ولا الغنى والسع

في رحاب القران الكريم ( فن التعافل )

قال تعالى ( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰ ذَا ۖ قال نبّأني العليم الخبير )  ما زلنا نؤكد على مسألة التدبر والتمّعن والنظر في الايات القرانية لانها كنوزٌ عميقةٌ تحتاجُ الى الغور في الأعماق بالاستعان بقوة النظرِ والتفكرِ بعد توفيق الله تعالى لعبده . في هذه الآية المباركة تشير إلى  حادثة وقعتْ مع النبي(صلوات الله عليه وآله) واحدى زوجاته . ونحن نتركُ سردَ الحادثة ونرجو من القارئ الكريم مراجعة الحادثة في التفاسير لأننا لا نريد الاطالة والاسهاب في طرحنا هذا ، ولكن نريد أن نقف على مسألتين مهمتين من الحادثة :  المسألة الأولى :  ضرورة كتمان ( الأسرار الزوجية ومن كلا الطرفين ) عن أي شخص خارج إطار الاسرة والزوجية سواء كان قريبا أو غريبا . فمن الواجب صيانة الأسرار الأسرية عن الأجانب لأنها : اولاً : أمانات ومن الواجب حفظها . وثانياً : أن الغالب عند اظهار الاسرار تكون سبباً الى نشوء مشاكل جمة وكثيرة لا تح

مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ

قال تعالى (  مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ( 89 ) كثيرة هي الايات التي يمرُّ عليها قُرّاءُ كتاب  الله  تعالى من دون الوقوف على كثير من اللطائف الجليلة والنكات الجميلة  لانهم لم يتدبروا فيها ويستنطقوها ؟  في هذه الاية الكريمة نلاحظ ان  الله  تعالى يؤكد على مسألة في غاية الاهمية وهي الحفاظ على الحسنة من الاحباط والاحراق حتى تأتي سالمة مصونة من الاتلاف . الذنوب نيران تحرق الحسنات  من الواضح ان المؤمن يبذل الكثير من الطاقات كالطاقة الجسدية والمالية والعلمية وغيرهن من أجل تحصيل الحسنات والفوز برضى الله تبارك وتعالى . ولكنه -  وللاسف  -  بسبب الذنوب والمعاصي وخاصة الغيبة وتشويه سمعة الاخر وقمص اموال الاخر بغير حق وغير ذلك من المعاصي فأنه يحرق رأسه ماله الذي قضى ردحا طويلا من عمره في تحصيل تلك الحسنات ولم يعِر اهتماما بضرورة المحافظة على حسناته من الاحباط والاحراق .

قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚفَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚ

الكتمان وإلابداء والاتهام : قال تعالى (قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚفَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚ) . عدة محاور ومسائل ذُكرت في هذه الاية المباركة القصيرة نذكر بعضها. الكتمان: في كثير من الاحيان يكون العلاج الانجع والانجح في طيّ الكثير من المشاكل والصعاب وتجاوزها هو التحلي بمسألة الكتمان وعدم البوح في كل ما يعلمه ويبتغيه المرء . ومن الاشياء المهمة أيضا في مسألة الكتمان هو إبقاء الجسور والمعابر أمام الآخرين مشرعةً لعلهم يفيقون يوما الى رشدهم وينتبهون من غفلتهم. لذا نلاحظ أن يوسف ( سلام الله عليه ) ابقى حبل المودة بينه وبين اخوته ولم يقطعْه رجاءً في توبتهم. الابداء : أما إبداء الامور احيانا فأن العاقل يشعر حينما يشرع باظهارها الاخر فانها سوف تُسّبب له الكثير من المشاكل وتزيد الامور اكثر تعقيدا وصعوبة لذا يستعين بالكتمان لدفع البلاء . الاتهام الباطل: هو مرض يصيب مركز القلب وهو نابع من أمراض عديدة كالحسد والحقد وسوء الظن ... وهذا الداء العضال كثيرا ما يقع فيه الآخرون واحيانا يكون ناشئ من عجلة وعدم إعمال الفكر

صفات النبي ( صلى الله عليه واله ) في القران الكريم

صفات النبي ( صلى الله عليه وآله ) في القرآن الكريم  : اولا : ان قلبه ( صلوات الله عليه وآله ) كان مفعماً بالشفقة والرأفة ويتألم على المؤمنين ويعز عليه ان يراهم في مسكنة وضرر وشدة وضعف قال تعالى (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ . ثانياً : أنه شديد الحرص على هداية المؤمنين وفي الذب عنهم وشديد الحرص على أن لا ينحرفوا او يرتدوا أو ينقلبوا على اعقابهم فهو يرشدهم ويقربهم الى كل خير ويبعدهم عن كل شر قال تعالى ( حَرِيصٌ عَلَيْكُم ). ثالثا ورابعا : رؤوف ورحيم قال تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) ( 107 ). 1   ولكنه يختص برحمته خاصة للمؤمنين  وقد جُمعت هذه الأوصاف الشريفة في الآية المباركة وهو قوله تعالى ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيم ( 128 ) . 2 خامساً : أنه ذو خلق عظيم ورفيع بحيث ان رب العزة هو الذي شهد له بذلك بقوله ( وَإِنَّكَ لَعَلَ ىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ( 4 ) 3 وهذا الخلق العظيم الذي كان يمتاز به نبينا ( صلوات الله عليه وآله ) كان له دور كبير في استقطا

تصرف الوكيل من دون إذن الموكل

تصرف الوكيل من دون إذن الموكل : الوكالة مسألة عرفية شرعية أعتاد عليها كثير من الناس مع اختلاف شرائحهم وأذواقهم للأغراض ومقاصد عديدة كالتجارة والمعاملات الحكومية والزواج والطلاق وغير ذلك . وهذه المعاملة كغيرها من المعاملات تحتاج الى ايجاب وقبول من كلا الطرفين لصحة العقد فيكون الوكيل كالأصيل عند إبرام العقد في إجراء المعاملات وحسب ما اتفق عليه الاثنان في العقد . ولكن هذه المعاملة لا تخلو من مشاكل وسلبيات عرضية ، فاحياناً تكون هذه المشاكل عن جهل واخرى عن حيلة وتعمد ، ونذكر في هذه العجالة مسألة كثيرة الابتلاء يقع فيها العديد من الناس : هو تصرف الوكيل ( المأذون ) من دون إذن الموكل  كشراء بضاعة أو سلعة معينة ثم يبيعها(الوكيل) بسعر أزيد واغلى مما اتفق عليها مع الموكل الأصلي !!! بعبارة اوضح أحيانا يرسل الموكل وكيله لإبرام واجراء صفقة معينة بسعر معين محدد ولكن وكيله يبيع السلعة بأزيد مما أراد الموكل  ( الاصلي ) ومن دون علمه فيأخذ الوكيل تلك الزيادة ويعطي الموكل المبلغ المتفق عليه.   وهذه المعاملة كثيرة ما تحدث في مجتمعنا وهي غير جائزة شرعا إلا مع علم الموكِل . وليس بالضرورة تكون المعاملة بين ا

وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) . نلاحظ أن القرآن الكريم يُبّين لنا أن أعداء الله يُحشرون على النار وثم يُوزعون

قال تعالى (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ( 19 ) . نلاحظ أن القرآن الكريم يُبّين لنا أن أعداء الله يُحشرون على النار وثم يُوزعون  !!  بمعنى أنهم ينقسمون الى مجموعات وأقسام متعددة حسب منازلهم في النار  وهذه الحقيقة تكشف لنا أن جهنم فيها مراتب ومنازل. وهذا التقسيم غير منحصر بأهل النار بل ان اهل الجنة هم كذلك لهم مقامات ومنازل متعددة فذو اليمين ليسوا كذي  السبق والقربى كما بيّنه تعالى بقوله ( وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً )  أي  أقسام  (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ( 8 ) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ( 9 ) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ( 10 ) أُو لَٰ ئِكَ الْمُقَرَّبُونَ( 11 ) . وهذا التقسيم الثلاثي لم يأتِ عفويا بل هو نتيجة ترتيب وتقسيم اساسي ناشئ على أساس المعرفة والإخلاص والطاعة والعقيدة الحقة ونقيضها ..الخ  فالاية المباركة بيّنتْ ان اعداء الله يحشرون ومن ثمّ يوزعون حسب ما يمتلكون من عقائد منحرفة وأخلاق فاسدة وجحود ونكران وطغيان . ولذا توّعد القرآن الكريم المنافقين بالدرك الاسفل

الله يبسُطُ الرزقَ لمن يشاء ويقدر

البسط في الرزق و التضييق هو ناشئٌ عن حكمة قال تعالى( الله يبسُطُ الرزقَ لمن يشاء ويقدر. توجد عدةُ نُكاتٍ ولطائف في الآية المباركة : اولا  : البسطُ في قِبال القبض وهي دلالةٌ على كثرة العطاء والبذل والإحسان والايةُ ترّدُ على ما زعمته اليهود بحق الله تعالى حيثُ قالوا ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ  ۚ  غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا  ۘ  بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ  ) . ثانيا  : أن البسطَ والعطاءَ في استمرار واستدامة غير مقطوعٍ وفي كل آنٍ ومكان . ثالثا  : أن البسطَ في رزقه وكرمه ليس عشوائياً وعبثياً فلربما يتبادرُ للبعض حينما يسمع قوله تعالى (  لمن يشاء  ) بل بسطه نابعٌ عن حكمة وعدل ورحمة.. رابعا  : أن لفظ (  يقدر  ) بمعنى يضّيق قال تعالى في قصة نبي الله يونس ( على نبينا وآله وعليه السلام  )(  وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ  ) . أي ظنَّ أننا لن نضّيقَ عليه حينما خرج مغاضباًوكذلك  قوله  تعالى ( وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ( 16 ) . فقدَرً علي

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ

في هذه الوقفة القصيرة نتناول بعض الأمور عن خصائص الجن في القرآن الكريم حتى يتسنى للقارئ الكريم الوقوف عليها . اولا : ان الجن هم مكلفين بالعبادة كالإنس وهو قوله تعالى ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) .   وهذا يعني انهم حال الطاعة يثابون وحال العصيان يعاقبون .  ثانيا : ان فيهم الصالح والطالح قال تعالى عنهم (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ ۖ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُو لَٰ ئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا ) . ثالثا : أنهم يرون الإنس وليس العكس قال تعالى عنهم ( إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ . نعم إلا ما خرج بدليل أنه يستثنى لبعض الأنبياء والأولياء لحكمة في رؤية الجن كما حصل لنبي الله سليمان ( سلام الله عليه ) قال تعالى عنهم ( وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَٰ لِكَ ۖ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ( 82 )  والشيطان من الجن وقد نُقل أن رسولنا ( صلى الله عليه وآله ) قد رأهم . رابعا : أن الجن يؤثرون بالانس من جهة الوسوسة والنفث والنزغ ويتأثرون بالإنس قال تعالى عنهم (وَأَنَّهُ ك

فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚكَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ

ما أروع الامثلة القرآني قال تعالى : ( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَ ذَٰ لِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ )  الزبد : هو ما يطفو على سطح الماء من رغوة والذي لا نفع فيه وسرعان ما يجفو ويذهب بسبب حركة الماء ولكن ما ينفع الناس يبقى في الأرض ويستفاد منه الناس  . هكذا يقرّب القرانُ الكريم لنا طريقَ الحقِ وطريقَ الباطل وأن الباطلَ لا خيرَ ولا نفعَ فيه بخلاف الحق . مثالٌ قرآني يضربُ لكي يبقى عبرةً ودرساً لمن يعقلُ ويخافُ الاخرةَ  فأصحابُ الدعواتِ الباطلةِ والضلال والطغاة وحكام الجور الذين يمثلون الباطل لا نفع فيهم وسرعان ما يذهب كيدُهم وتجبرُهم . واما ذو الحقِ هم الذين ينتفعُ منهم الناسُ من علمهم وتقواهم وخيرهم ومواعظهم وهم الذين ينيرون الطريقَ الحق للناس ويأخذون بأيديهم إلى جادة الحق والصواب . 

وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا

قال تعالى( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ( 5 ). أكدتْ الشريعةُ على ضرورة التعامل الحذر والامين مع اموال الاخرين كاليتامى والسفهاء وغيرهم . والمراد من السفيه في الاية المباركة وهو الذي لا يحسن التصرف ماله في مقابل الرشيد . وهنا عدة لطائف وأوامر : اولا : على الوصي أن يحافظ على اموال السفيه حتى يعلم ببلوغه الرشد ومن ثمّ يدفع له ماله . ثانيا : الاية المباركة قالت(اموالكم) مع العلم انها اموال الاخرين من اليتامى والقاصرين ؟ قيل في ذلك : أن الشريعة تعتبر أن أي خسارة او ضرر يلحق بشخص هو يلحق تبعاً بالمجتمع  فالضرر الذي يلحق  باليتامى وغيرهم هو يصيب بجميع المجتمع  ، فكما انتم تحافظون على اموالكم خشية التلف والضياع فعليكم كذلك بالمحافظة على أموال الآخرين . ثالثا : الاية قالت وارزقوهم فيها ولم تقل وارزقوهم منها ؟؟ والسبب في ذلك هو ضرورة تفعيل هذه الأموال من خلال التجارة او المكاسب الاخرى . رابعا : التعامل بالحسنى والكلام الطيب معهم خشية صدور ما يدخل الأذى

أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ۙ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا

قال تعالى ( أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَ ىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ۙ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا ( 69 ) . نريدُ أن نقفَ على مفردة ( تبيعا ) !! وربما هذه المفردة غير متداولة في زماننا او نادرة الاستعمال؟  على كل حال الذي يهمُنا أن نفهمَ مفراداتِ القرآن الكريم حتى نفهم المراد من الآيات الكريمة . ان معنى ( تبيعاً ) كما ورد في الكتب هو الناصر او المعين أو الثائر أو المنتقم . فمعنى الاية المباركة أن الله تعالى حينما يرسلُ عذابَه على الأمم الظالمة والمتجبرة والجاحدة فلن يجدوا الطغاة ناصرا و معينا أو يجدوا احدا يستطيع ان يثأر او ينتقم لهم ؟؟  فأنتم أيها العاصون المتجبرون ، ومن تعتقدون ان ينصركم لا تستطيعون دفع العذاب حينما ينزل فيكم .

وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ

قال تعالى على لسان نبي الله عيسى (عليه السلام ) ( وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ ) . إن من نعم تعالى على عبده أن يجعله مباركا !!  والمبارك هو كثير النفع والخير والعطاء والتوفيق أي هو مبارك في فعله وعمله وقوله وتعليمه وتعلمه وماله وولده وبذله وكرمه للقريب والبعيد للفقير والغني للمريض والمعافى فخيره مباركا للجميع . فهنيئاً لمن وفُق أن يُعطى هذه الخصلة الشريفة او ان يتحلى بهذه الصفة العظيمة ، بحيث ينعم خيره للجميع فلا يفرق بين شخص واخر كما هو معهود ( وللاسف ) بين كثير من الناس فتجد خيرهم لا يُعطى الا من له علاقة رحمية او حزبية او نفعية أو قومية وغيرها من الاسباب الاخرى التي تدل على ضيق الأفق وعلى التحجيم في العطاء والبذل . بخلاف المؤمن خيره وبركته وبذله ينال الجميع ولا يمنعه الزمان ولا المكان ولا القريب ولا البعيد .... الخ .    

وَقَالَ مُوسى إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ

قال تعالى ( وَقَالَ مُوسى إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ( 8 ) . 1 يا ابن آدم تكبرك وعصيانك لا يضر سواك !! كثيرة هي المعتقدات والأفكار المنحرفة الضالة التي تعشش في عقل بني أدم فيحسب انه بجحوده وعصيانه يستطيع ان يضر السماء أو ينقص من ملكوت الله وسلطانه . هكذا توجه نبي الله موسى ( على نبينا واله وعليه السلام ) لقومه بكلمات يحذوها الثقة والايمان بصفات ربه ومنها الغنى فانكم ومن الأرض جميعا لا تنقصون من سلطانه ولا هو تعالى مستغنا بكم بل هو سبحانه مستغنا عنكم وعن كل شيء ، فما خلق شيئا ليزيد في ملكه ولا كفران الكافر ينقص من عظمته . فايها الجاحدون المتكبرون إنكم لا تضرون الا انفسكم . تكبر بعض المسلمين : البعض وللاسف قد يُبتلى بالفقر او المرض وغير ذلك فتسول له نفسه انه مادام يعاني من هذه البلاءات فانه يعاند السماء بعدم الطاعة فيترك العبادات المفروضة ويعاند السماء فيأتي بالموبقات والذنوب المحرمة عنادا منه وانتقاما . فهذا التصرف ينمو عن جهل وخفة العقل وقد غفل بان الله تعالى غني عنه وعن جميع خلقه انما ابتلاه ليعلم

المتابعون

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حرز الامام الجواد عليه السلام هو نافع لدفع شر الجن والانس والحسد والشرور الكثيرة

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ اللَّهُمَّ رَبَّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ وَ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ وَ قَاهِرَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ وَ خَالِقَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ مَالِكَهُ كُفَّ عَنَّا بَأْسَ أَعْدَائِنَا وَ مَنْ أَرَادَ بِنَا سُوءاً مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ أَعْمِ أَبْصَارَهُمْ وَ قُلُوبَهُمْ وَ اجْعَلْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ حِجَاباً وَ حَرَساً وَ مَدْفَعاً إِنَّكَ رَبُّنَا لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ لَنَا إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا وَ إِلَيْهِ أَنَبْنَا وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ- رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَ اغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏ رَبَّنَا عَافِنَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ‏ آخِذٌ بِناصِيَتِها وَ مِنْ شَرِّ مَا يَسْكُنُ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ سُوءٍ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَ إِلَهَ الْمُرْسَلِينَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَجْمَ

احاديث اهل البيت في النفاق

نقلا عن كتاب ميزان الحكمة لريشهري   الإمام علي (عليه السلام) : النفاق يفسد الإيمان .  عنه (عليه السلام): النفاق أخو الشرك. - عنه (عليه السلام): النفاق توأم الكفر ). -  رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن النفاق يبدو لمظة سوداء، فكلما ازداد النفاق عظما ازداد ذلك السواد، فإذا استكمل النفاق اسود القلب . النفاق شين الأخلاق  -  الإمام علي (عليه السلام) : النفاق شين الأخلاق. - عنه (عليه السلام): ما أقبح بالإنسان ظاهرا موافقا، وباطنا منافقا! . - عنه (عليه السلام): ما أقبح بالإنسان أن يكون ذا وجهين! . - عنه (عليه السلام): الخيانة رأس النفاق . علة النفاق    الإمام علي (عليه السلام) : نفاق المرء من ذل يجده في نفسه . - عنه (عليه السلام): النفاق من أثافي الذل . - عنه (عليه السلام):  الكذب  يؤدي إلى النفاق . صفة  المنافق   -  الإمام علي (عليه السلام) :  المنافق  لنفسه مداهن، وعلى الناس طاعن . - عنه (عليه السلام):  المنافق  قوله جميل، وفعله الداء الدخيل . - عنه (عليه السلام):  المنافق  لسانه يسر، وقلبه يضر . - عنه (عليه السلام):  المنافق  وقح غبي، متملق شقي . - عنه (عليه السلام):  المنافق  مكور مضر

دُعاء القدحِ عظيمُ الشأنِ مكتوب

  دُعَاءُ الْقَدَحِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ بِاسْمِهِ الْمُبْتَدَإِ رَبِّ الْآخِرَةِ وَ الْأُولَى لَا غَايَةَ لَهُ وَ لَا مُنْتَهَى رَبِّ الْأَرْضِ وَ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى الرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىٰ. لَهُ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا وَ مٰا تَحْتَ الثَّرىٰ. وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفىٰ اللَّهُ عَظِيمُ الْآلَاءِ دَائِمُ النَّعْمَاءِ قَاهِرُ الْأَعْدَاءِ [رَحِيمٌ بِخَلْقِهِ] عَاطِفٌ بِرِزْقِهِ مَعْرُوفٌ بِلُطْفِهِ عَادِلٌ فِي حُكْمِهِ عَالِمٌ فِي مُلْكِهِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ رَحِيمُ الرُّحَمَاءِ- عَالِمُ الْعُلَمَاءِ صَاحِبُ الْأَنْبِيَاءِ غَفُورُ الْغُفَرَاءِ قَادِرٌ عَلَى مَا يَشَاءُ سُبْحَانَ اللَّهِ الْمَلِكِ الْوَاحِدِ الْحَمِيدِ ذِي الْعَرْشِ الْمَجِيدِ الْفَعَّالِ لِمَا يُرِيدُ رَبِّ الْأَرْبَابِ وَ مُسَبِّبِ الْأَسْبَابِ وَ سَابِقِ الْأَسْبَاقِ وَ رَازِقِ الْأَرْزَاقِ وَ خَالِقِ الْأَخْلَاقِ قَادِرٍ عَلَى مَا يَشَاءُ مُقَدِّرِ الْمَقْدُورِ وَ قَاهِرِ

بحث حول النفاق

النفاق : هو ان يظهر الانسان شيئا حسنا من عمل او فعل او قول بخلاف ما يضمره في باطنه فالمنافق له حالتان حالة ظاهرية توافقية مع الناس وحالة باطنية تغاير ظاهريته ، وقد اشار امير المؤمنين عليه السلام الى هذا المعنى بقوله( ما أقبح بالإنسان ظاهرا موافقا و باطنا منافقا 1 . وهذه الازدواجية في التعامل ناشئة من دواعي كثيرة في نفس المنافق سيأتي الحديث عنها لاحقا ان شاء الله تعالى . والنفاق تارة يكون في العقيدة كأن يظهر المنافق الإيمان بأصول الدين كالتوحيد والمعاد والنبوة ويظهر التزامه بفروع الدين كالصلاة والصوم ولكنه باطنه يخادع الله ورسوله والناس وما يخادع إلا نفسه قال تعالى ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ) 2 وقوله تعالى ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ( 142 ) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا

بحث حول ( اهمية التوبة )

إن التوبة كالماء الذي ينزل من السماء على الارض الميتة فيكسوها الحياة بعد الممات وكذا القلب التائب بعد أن هيّأ ارضية قلبه -من خلال الندم والتوبة والاستغفار - بأن تكون خصبة صالحة للتطهير والتزكية ما ان تنهمر على قلبه سحائب الرحمة ومفاتيح الرأفة فتحي القلب بالحياة بعد الممات والنور بعد الظلمات واليقظة بعد الغفلة والسبات.  فالقرآن الكريم يِعدّ الغارق في مستنقع الذنوب والكنود انه ميت الأحياء وأنه في ظلمات ليس بخارج منها إلا بالأوبة والنزوع عن الحوبة قال تعالى ( أ َوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ . 1 فالتوبة هي رجوع العبد إلى دوحة الرحمة والعفو والغفران مما فرّط في حق ربه من الذنوب والعصيان ، وأن فتح باب التوبة أمام عباده العاصين وقبولها لهي من أعظم النعم والمنح النازلة من فيض رحمته الواسعة على عباده التائبين روي عن الإمام علي (عليه السلام): من تاب تاب الله عليه وأمرت جوارحه أن تستر عليه، وبقاع الأرض أن تكتم عليه، وأنسيت الحفظة ما كانت تكتب عليه 2 . وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) وقد سمعه معاوية بن وهب يقول : إذا تاب الع

بحث حول لقمة الحرام وتاثيرها على قلب المؤمن

لا شك ان هناك علائق وروابط بين الامور المادية والمعنوية بحيث نلاحظ تأثير أحدهما على الآخر فانشراح القلب وانبساطه عامل دفع ومحرك نحو العمل وضيق الصدر وقسوته وظلمته عامل مثّبط للعمل  . وكذلك الكلام في مسالة لقُمة الحرام وتاثيرها الفاعل في تلويث القلب وما لها من الآثار الوضعية على القلب بحيث يعمى القلب عن رؤية الحق واستماع للحق واتباع الحق ومثقلة للعبادات وسالبة للتوفيق   ومن الإشارات إلى هذه النكتة كلام الإمام الحسين عليه السلام مع جيش ابن سعد قبل أن يلتقي المعسكران قال سلام الله عليه ((... وَيْلَكُمْ ما عَلَيْكُمْ اَنْ تَنْصِتُوا اِلَيّ فَتَسْمَعُوا قَوْلي وَاِنَّما اَدْعُوكُم الى سَبيلِ الرَّشادِ فَمَنْ اَطاعَنِي كانَ مِنَ الْمُرْشَدِينَ وَمَنْ عَصانِي كانَ مِنَ الْمُهْلَكِينَ وَكُلُّكُمْ عاصٍ لأمري غَيْرُ مُسْتَمِعٍ لِقَوْلي قَدِ انْخَزَلَتْ عَطِيّاتُكُمْ مِنَ الْحَرامِ وَمُلِئَتْ  بُطُونُكُمْ مِنَ الْحَرام فَطَبعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيْلَكُمْ اَلا تَنْصِتُونَ اَلا تَسْمَعُونَ؟... تَبّاً لَكُمْ اَيَّتها الْجَماعَةُ وَتَرَحاً .  1 ولقد ضرب القرآن الكريم نموذجا عن المرابي الذي