التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ

بحث حول مرض الرياء


الرياء : هو إظهار العمل الصالح والخُلُق الحميد والعقيدة الحقة امام الاخرين لغرض مقاصد دنيوية ويُسّمى بالشرك الخفي مقابل الشرك الجلّي وهو الشرك بالله تعالى .
أن المرائي يسعى لإظهار كل جميل وحسن امام الناس ، كإبراز الخشوع والخشية في عبادته والجميل في أخلاقه كالورع والتقوى والصدق والثبّات في عقائده بأنه راض بقضاء الله تعالى فيظهر الجميل وباطنه عليل قبيح .
وللمرائي في سلوكه هذا القبيح غايات وأهداف كثيرة منها : ليُعرف بين الناس بالإصلاح والأخلاق الحسنة فهو يسعى لجلب السمعة الحسنة والطيبة لنفسه وكسب مودتهم من خلال الظهور بالمسلك الديني الجميل ومنها : لحصول على منصب أو وظيفة معينة أو حقوق شرعية وما شابه ذلك .
إن الواقف على احوال المرائي يتبين له أنه لولا وجود هذه المقاصد الدنيوية التي يتحرك لأجلها ويسعى لاقتناصها لترك  سلوكه الظاهري  لانتفاء موجباتها التي صنعها ليخدعَ الناسَ بها .
ولذا ترى الخضوعَ والخشوع َفي العبادة منتفيةً حينما يختلي بنفسه ويكون بمفرده من غير رقيب !! وكذا هدوئه وصمته وأخلاقه الحسنة التي كادتْ تنعدم مع افراد اسرته لأنهم ليسوا معبرا وسلمّا الى مقاصده فتراه مع اهله يزأر زئير الأسد ولا يجابهه احدٌ خوفا من بطشه !! فروي عن الإمام علي (عليه السلام): للمرائي أربع علامات : يكسل إذا كان وحده ، وينشط إذا كان في الناس ، ويزيد في العمل إذا اثنُي عليه ، وينقص منه إذا لم يُثنَ عليه  .1
إن هذا التلوّن والتصّنع في أحوال المرائي هو ناشئٌ من خرق في المنظومة العقائدية والإيمان غير متجذر ومستقر في أعماق القلب فهو كالزبد الذي يطفو على سطح الماء فسرعان ما يذهب جفاء روي عن الإمام علي (عليه السلام): فمن الإيمان ما يكون ثابتا مستقرا في القلوب ، ومنه ما يكون عواري بين القلوب والصدور (إلى أجل معلوم). 2 وروي عنه (عليه السلام): من كان فعله لقوله موافقا فأثبت له الشهادة بالنجاة ، ومن لم يكن فعله لقوله موافقا فانما ذلك مستودع . ٣ 
فما أقبح بالمرء أن يقف بين يدي جبار السموات والأرض والمطلع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور وهو يظهر النُسُك والتواضع ليس لرب الأرباب إنما لعبد فقير مسكين لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولتحصيل بعض الفضلات والحوائج الدنيوية من ابناء نوعه فروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا بن مسعود إياك أن تظهر من نفسك الخشوع والتواضع للآدميين وأنت فيما بينك وبين ربك مصر على المعاصي والذنوب  يقول الله تعالى: * (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) . 4 وعنه (صلى الله عليه وآله): يا أبا ذر اتق الله ولا تر الناس أنك تخشى الله فيكرموك وقلبك فاجر .5
وما أقبح بالرجل أن تكون بوصلة قلبه منشدةً ومنجذبةً للمخلوق مثله رغبة لما عنده من متع الحياة !وما اقبح بالمرء أن يجعل لسانه يمطر كلاما عسولا طلبا لدنيا !! غير عابئ بالذلة والمهانة التي يبديها ويظهرها لأجل الحصول على الرغبات الفانية ! ومعّرضاً نفسه إلى المقت والسخط الإلهي بجعله لله شريكا في عمله ! فروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به فإذا صعد بحسناته يقول الله عز وجل اجعلوها في سجين إنه ليس إياي أراد بها . 6  وعنه (صلى الله عليه وآله): وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به... فيطؤون الحجب كلها حتى يقوموا بين يدي الله سبحانه فيشهدوا له بعمل صالح ودعاء فيقول الله تعالى : أنتم حفظة عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه إنه لم يردني بهذا العمل عليه لعنتي .7
ثم الحوائج مهما عظُمت لا يمكن أن تنالَ وتُعطى إلا يشاء اللهُ تعالى فهو المعطي والمانع وبيده ملكوت السماوات والأرض فالذرة في دقتها والتي تعتبر أصغر جزءً من العنصر لا يمكن سوقها من مكان للأخر إلا بمشيئة الله سبحانه وإرادته ، فكيف يلتجئ المخلوق الضعيف الى مثله رغبة وطمعا بما لديه من فضلات الدنيا ويعرض عن من بيده العطاء ويداه مبسوطتان بالخير والفضل والذي يملك زمام ومقادير النعم المادية والمعنوية ؟؟  

إظهار العمل الصالح للناس :
وهناك جملة من الناس يأتون بالأعمال الصالحة الكثيرة من صلاة الليل والنفقة والزيارات والصلاة في المساجد وإقامة مجالس العزاء على مصائب أهل البيت (صلوات الله عليهم أجمعين ) ولم يقصدوا بأعمالهم الرياء كطلب السمعة أو منفعة دنيوية عند الناس ولكنهم لضعف اراداتهم وقلة معرفتهم يستسلمون لضغط النفس الأمارة بالسوء ووساوس الشيطان في ابداء وإظهار أعمالهم الحسنة اما تلميحا او تصريحا لغرض استمالة واستدرار قلوب ووجوه  الناس إليهم  .
وفي زماننا هذا بسبب القفزة العلمية وكثرة القنوات التواصل الاجتماعي فالصور المنشورة كافية لإظهار الأعمال الحسنة للناس لمن يقصد الرياء ويطلب السمعة .
احبتي في الله : العمل الصالح هو اغلى من الجواهر الثمينة التي تحفظ وتصان في أماكن سرية خشية أن تمتد لها يد السُرّاق ، فالعمل الصالح هو زاد العبد الذي بذل عصارة جهده الطويل في دار الدنيا فيجب المحافظة عليه من التلف والضياع وأن خير وسيلة لحفظه هو كتمان سره أمام أي مخلوق .

المرائي عند المحشر :
ان من اشد الامور عقوبة وآلاماً على النفس أن يفتضح المرء على رؤوس الأشهاد فُتكتشف حقيقة باطنه وقبيح سريرته السيئة التي كان يخفيها عن الناس ، وان ظاهره الجميل من النُسُك والخشوع والأخلاق الظاهرية كانت قناعا مزيفا يخدع بها المساكين وذوي القلوب الطيبة ،فاليوم لا مجال لتخفّي والمراوغة ، فاليوم (يوم تبلى السرائر)1 فهؤلاء الذين سعيت بعملك الجميل الظاهري لأجلهم والذين جعلتهم شريكا في نيتك وعملك لن ينفعونك قيد انملة ولن يدفعوا عنك ضرا روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن المرائي ينادى يوم القيامة : يا فاجر ! يا غادر ! يا مرائي ! ضل عملك ، وبطل أجرك ، اذهب فخذ أجرك ممن كنت تعمل له  8.
وروي عنه (صلى الله عليه وآله )يا بن مسعود إذا عملا عملا من البر تريد بذلك غير الله فلا ترج بذلك منه ثوابا فانه يقول ( فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا . ٩
إن المؤمن مع كثرة أعماله الصالحة والخالصة لله وحده تراه خائفا مشفقا من سوء العاقبة او من إحباط العمل او من الخوف عدم قبول العمل كما عبرت الآية الكريمة (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)10
وكذا على لسان  المؤمنين وهم يتنعمون في الجنان (إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) ...وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ 27إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ )11
ووصف أمير المؤمنين عليه السلام المتقين بقوله : يعمل الأعمال الصّالحة وهو على وجل . يمسي وهمّه الشّكر ، ويصبح و همّه الذّكر . يبيت حذرا ويصبح فرحا . حذرا لما حذر من الغفلة . وفرحا بما أصاب من الفضل و الرّحمة .12
هذا هو حال المؤمن أمام ربه فالخوف والوجل من سوء العاقبة لا يفارق خاطره مع سعيه الحثيث في أعمال البر والصلاح .
فكيف بالمرء الذي يقِدم على ربه وقد جعل له شريكا في أعماله ؟ وبأي وجه وحال سيلاقي المرائي ربه ؟ وهل لهؤلاء الفقراء والمساكين الذين جعلهم شركاء في قصده غناً عنه في درأ اهوال وعذاب يوم القيامة ؟ 
إن الإنسان ما دام متنعما بنعمة الوجود يمكنه تدارك ما مضى بالتوبة والاستغفار واخلاص النية والعمل لله وحده قبل حلول الاجل .
حقيقة أن جملة من الناس يجهلون فظاعة هذه النيات والمقاصد المشوبة بالغيرية والإشراك والتي تحبط الأعمال وتجعل العبد صغيرا ووضيعا عند ربه ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله ) : يبكي ألما وحزنا وشفقة على هذه الامة من هذا المرض العضال فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله )  وقد رآه شداد بن أوس في حال البكاء فسأله عما يبكيه -: إني تخوفت على امتي الشرك ، أما إنهم لا يعبدون صنما ولا شمسا ولا قمرا ولكنهم يراءون بأعمالهم .13
وعنه (صلى الله عليه وآله): إن النار وأهلها يعجون من أهل الرياء فقيل: يا رسول الله وكيف تعج النار ؟ ! قال : من حر النار التي يعذبون بها )14 وعنه  (صلى الله عليه وآله): ويل للذين يجتلبون الدنيا بالدين، يلبسون للناس جلود الضأن من لين ألسنتهم، كلامهم أحلى من العسل وقلوبهم قلوب الذئاب يقول الله تعالى: أبي يغترون ؟ 15
وعنه صلى الله عليه وآله: إن أول من يدعى يوم القيامة رجل جمع القرآن ورجل قتل في سبيل الله ، ورجل كثير المال ، فيقول الله عز وجل للقارىء : ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي ؟ فيقول : بلى يارب فيقول : ما عملت فيما عملت فيقول : يا رب قمت في آناء الليل وأطراف النهار ، فيقول الله: كذبت وتقول الملائكة : كذبت ، ويقول الله تعالى : إنما أردت أن يقال : فلان قارئ ، فقد قيل ذلك. ويؤتى بصاحب المال فيقول الله تعالى : ألم أوسع عليك المال حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد ؟ فيقول : بلى يا رب فيقول : فما عملت بما آتيتك ؟ قال : كنت أصل الرحم وأتصدق فيقول الله: كذبت ، وتقول الملائكة : كذبت ، ويقول الله سبحانه : بل أردت أن يقال : فلان جواد ، وقد قيل ذلك ، ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقول الله: ما فعلت ؟ فيقول : أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت ، فيقول الله: كذبت ، وتقول الملائكة : كذبت [ويقول الله سبحانه] بل أدرت أن يقال : فلان شجاع جرئ فقد قيل ذلك ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أولئك خلق الله تسعر بهم نار جهنم. 16 
1-ميزان الحكمة ص 40
2- نفس المصدر
3-نفس المصدر 
4- ميزان الحكمة ج4 ص 10
5- نفس المصدر 
6- مستدرك سفينة البحار ج1 ص153
7- سورة الطارق آية  9
8- سنن النبي الأكرم ج 1 ص 18
9- ميزان الحكمة ج 4 ص 15
10- سورة المؤمنون آية  60
11- سورة الطور آية 26
12  نهج البلاغة خطبة المتقين 
13- ميزان الحكمة ج  4  ص 18
14- اعلام الدين ص 18
15-نفس المصدر 
16- نفس المصدر 

تعليقات

المتابعون

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حرز الامام الجواد عليه السلام هو نافع لدفع شر الجن والانس والحسد والشرور الكثيرة

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ اللَّهُمَّ رَبَّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ وَ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ وَ قَاهِرَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ وَ خَالِقَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ مَالِكَهُ كُفَّ عَنَّا بَأْسَ أَعْدَائِنَا وَ مَنْ أَرَادَ بِنَا سُوءاً مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ أَعْمِ أَبْصَارَهُمْ وَ قُلُوبَهُمْ وَ اجْعَلْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ حِجَاباً وَ حَرَساً وَ مَدْفَعاً إِنَّكَ رَبُّنَا لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ لَنَا إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا وَ إِلَيْهِ أَنَبْنَا وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ- رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَ اغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏ رَبَّنَا عَافِنَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ‏ آخِذٌ بِناصِيَتِها وَ مِنْ شَرِّ مَا يَسْكُنُ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ سُوءٍ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَ إِلَهَ الْمُرْسَلِينَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَجْمَ

احاديث اهل البيت في النفاق

نقلا عن كتاب ميزان الحكمة لريشهري   الإمام علي (عليه السلام) : النفاق يفسد الإيمان .  عنه (عليه السلام): النفاق أخو الشرك. - عنه (عليه السلام): النفاق توأم الكفر ). -  رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن النفاق يبدو لمظة سوداء، فكلما ازداد النفاق عظما ازداد ذلك السواد، فإذا استكمل النفاق اسود القلب . النفاق شين الأخلاق  -  الإمام علي (عليه السلام) : النفاق شين الأخلاق. - عنه (عليه السلام): ما أقبح بالإنسان ظاهرا موافقا، وباطنا منافقا! . - عنه (عليه السلام): ما أقبح بالإنسان أن يكون ذا وجهين! . - عنه (عليه السلام): الخيانة رأس النفاق . علة النفاق    الإمام علي (عليه السلام) : نفاق المرء من ذل يجده في نفسه . - عنه (عليه السلام): النفاق من أثافي الذل . - عنه (عليه السلام):  الكذب  يؤدي إلى النفاق . صفة  المنافق   -  الإمام علي (عليه السلام) :  المنافق  لنفسه مداهن، وعلى الناس طاعن . - عنه (عليه السلام):  المنافق  قوله جميل، وفعله الداء الدخيل . - عنه (عليه السلام):  المنافق  لسانه يسر، وقلبه يضر . - عنه (عليه السلام):  المنافق  وقح غبي، متملق شقي . - عنه (عليه السلام):  المنافق  مكور مضر

دُعاء القدحِ عظيمُ الشأنِ مكتوب

  دُعَاءُ الْقَدَحِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ بِاسْمِهِ الْمُبْتَدَإِ رَبِّ الْآخِرَةِ وَ الْأُولَى لَا غَايَةَ لَهُ وَ لَا مُنْتَهَى رَبِّ الْأَرْضِ وَ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى الرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىٰ. لَهُ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا وَ مٰا تَحْتَ الثَّرىٰ. وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفىٰ اللَّهُ عَظِيمُ الْآلَاءِ دَائِمُ النَّعْمَاءِ قَاهِرُ الْأَعْدَاءِ [رَحِيمٌ بِخَلْقِهِ] عَاطِفٌ بِرِزْقِهِ مَعْرُوفٌ بِلُطْفِهِ عَادِلٌ فِي حُكْمِهِ عَالِمٌ فِي مُلْكِهِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ رَحِيمُ الرُّحَمَاءِ- عَالِمُ الْعُلَمَاءِ صَاحِبُ الْأَنْبِيَاءِ غَفُورُ الْغُفَرَاءِ قَادِرٌ عَلَى مَا يَشَاءُ سُبْحَانَ اللَّهِ الْمَلِكِ الْوَاحِدِ الْحَمِيدِ ذِي الْعَرْشِ الْمَجِيدِ الْفَعَّالِ لِمَا يُرِيدُ رَبِّ الْأَرْبَابِ وَ مُسَبِّبِ الْأَسْبَابِ وَ سَابِقِ الْأَسْبَاقِ وَ رَازِقِ الْأَرْزَاقِ وَ خَالِقِ الْأَخْلَاقِ قَادِرٍ عَلَى مَا يَشَاءُ مُقَدِّرِ الْمَقْدُورِ وَ قَاهِرِ

بحث حول النفاق

النفاق : هو ان يظهر الانسان شيئا حسنا من عمل او فعل او قول بخلاف ما يضمره في باطنه فالمنافق له حالتان حالة ظاهرية توافقية مع الناس وحالة باطنية تغاير ظاهريته ، وقد اشار امير المؤمنين عليه السلام الى هذا المعنى بقوله( ما أقبح بالإنسان ظاهرا موافقا و باطنا منافقا 1 . وهذه الازدواجية في التعامل ناشئة من دواعي كثيرة في نفس المنافق سيأتي الحديث عنها لاحقا ان شاء الله تعالى . والنفاق تارة يكون في العقيدة كأن يظهر المنافق الإيمان بأصول الدين كالتوحيد والمعاد والنبوة ويظهر التزامه بفروع الدين كالصلاة والصوم ولكنه باطنه يخادع الله ورسوله والناس وما يخادع إلا نفسه قال تعالى ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ) 2 وقوله تعالى ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ( 142 ) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا

بحث حول ( اهمية التوبة )

إن التوبة كالماء الذي ينزل من السماء على الارض الميتة فيكسوها الحياة بعد الممات وكذا القلب التائب بعد أن هيّأ ارضية قلبه -من خلال الندم والتوبة والاستغفار - بأن تكون خصبة صالحة للتطهير والتزكية ما ان تنهمر على قلبه سحائب الرحمة ومفاتيح الرأفة فتحي القلب بالحياة بعد الممات والنور بعد الظلمات واليقظة بعد الغفلة والسبات.  فالقرآن الكريم يِعدّ الغارق في مستنقع الذنوب والكنود انه ميت الأحياء وأنه في ظلمات ليس بخارج منها إلا بالأوبة والنزوع عن الحوبة قال تعالى ( أ َوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ . 1 فالتوبة هي رجوع العبد إلى دوحة الرحمة والعفو والغفران مما فرّط في حق ربه من الذنوب والعصيان ، وأن فتح باب التوبة أمام عباده العاصين وقبولها لهي من أعظم النعم والمنح النازلة من فيض رحمته الواسعة على عباده التائبين روي عن الإمام علي (عليه السلام): من تاب تاب الله عليه وأمرت جوارحه أن تستر عليه، وبقاع الأرض أن تكتم عليه، وأنسيت الحفظة ما كانت تكتب عليه 2 . وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) وقد سمعه معاوية بن وهب يقول : إذا تاب الع

بحث حول لقمة الحرام وتاثيرها على قلب المؤمن

لا شك ان هناك علائق وروابط بين الامور المادية والمعنوية بحيث نلاحظ تأثير أحدهما على الآخر فانشراح القلب وانبساطه عامل دفع ومحرك نحو العمل وضيق الصدر وقسوته وظلمته عامل مثّبط للعمل  . وكذلك الكلام في مسالة لقُمة الحرام وتاثيرها الفاعل في تلويث القلب وما لها من الآثار الوضعية على القلب بحيث يعمى القلب عن رؤية الحق واستماع للحق واتباع الحق ومثقلة للعبادات وسالبة للتوفيق   ومن الإشارات إلى هذه النكتة كلام الإمام الحسين عليه السلام مع جيش ابن سعد قبل أن يلتقي المعسكران قال سلام الله عليه ((... وَيْلَكُمْ ما عَلَيْكُمْ اَنْ تَنْصِتُوا اِلَيّ فَتَسْمَعُوا قَوْلي وَاِنَّما اَدْعُوكُم الى سَبيلِ الرَّشادِ فَمَنْ اَطاعَنِي كانَ مِنَ الْمُرْشَدِينَ وَمَنْ عَصانِي كانَ مِنَ الْمُهْلَكِينَ وَكُلُّكُمْ عاصٍ لأمري غَيْرُ مُسْتَمِعٍ لِقَوْلي قَدِ انْخَزَلَتْ عَطِيّاتُكُمْ مِنَ الْحَرامِ وَمُلِئَتْ  بُطُونُكُمْ مِنَ الْحَرام فَطَبعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيْلَكُمْ اَلا تَنْصِتُونَ اَلا تَسْمَعُونَ؟... تَبّاً لَكُمْ اَيَّتها الْجَماعَةُ وَتَرَحاً .  1 ولقد ضرب القرآن الكريم نموذجا عن المرابي الذي