التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ

بحث حول ( سوء الظن )

                    
من الامراض القلبية التي لا تقل خطورة عن اخواتها في الفتك وتمريض القلب وتلويثه هو داء سوء الظن وقد ورد النهي عنه بقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ  اثم) .1
من مميزات وخواص هذا المرض ان مسيء الظن بالطرف الاخر لا يستند الى اية حجة تمكّنه من الاعتماد عليها وان جُلّ ما عنده هي تخمينات وظنون قد نسجها له عقله بلا دليل يقيني   .
وان مُسيء الظن وان كان قد يصيب الواقع في بعض الحالات ولكن هذا لا يعطي له الضوء الاخضر بان يسير وفق ظنه لأنه بسوء ظنه حتما سوف يخطأ البعض وهؤلاء البعض لهم الحصانة من قبل الشرع والعرف بان تحفظ حرمتهم ومكانتهم من الخدش والإساءة ولذا ورد الاجتناب عن كثير الظن  .
ان قلب الانسان معرض لحديث النفس والى القاءات الشيطان وكلاهما لا يضطران الانسان الى الانصياع والإكراه اليهما بل تبقى ارادة الانسان هي الحاكمة على قلبه، فعلى المؤمن ان لا يسترسل مع الخواطر والالقاءات التي تحوم حول قلبه، بل يجابهها بخلاف ما تريده نفسه الامارة بالسوء بان يحسن الظن بالآخرين تجنبا للوقوع بهذا الداء الخطير.
حقيقة ان النفس تحتاج الى مراجعة لملفاتها ونظرياتها المتجذرة في العقل والفكر فما اكثر الذين نرميهم بسهام سوء الظن من دون وجود أي برهان وحجة يمكن الاعتماد والاستناد عليه انما هي مجرد اوليات قديمة قد أكل الدهر عليها وشرب او الاعتماد على قال فلان وقال الراوي !! ثم لو تنّزلنا وقلنا ان جملة من الناس كان عندهم في غابر الزمان بعض الهفوات والزلات ولكن لماذا نتغافل عن رحمة الله ومغفرته وانه عز وجل يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات فما ادرانا لعل الله قد قبل توبتهم وعفى عن ذنوبهم وتغيّر حالهم الى احسن حال ونحن ما زلنا نرميهم بسهام التهمة ؟ أوَ ليس الحري بنا ان نوجد لهم العذر تلوى العذر وفاءً للإخوة الايمانية ؟؟ .. الخ روي عن الإمام علي (عليه السلام): اطرحوا سوء الظن بينكم فإن الله عز وجل نهى عن ذلك ٢. وري عنه (عليه السلام): الشرير لا يظن بأحد خيرا، لأنه لا يراه إلا بطبع نفسه
قلب الحدث كالأرض الخالية :
 قلنا ان سوء الظن قد ينتاب القلب الانسان بسبب حديث النفس او الالقاءات الشيطانية لكن تارة يكون نشوء سوء الظن من افرازات اخرى كالعداوة والحقد والمصالح النفعية فروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): اعلم يا علي ! أن الجبن والبخل والحرص غريزة واحدة ، يجمعها سوء الظن
 ومن هنا يعلم ان الامراض القلبية -وخاصة مرض سوء الظن - تفرز امراضا كثيرة فتتراكم الامراض على القلب فيكون كقطع الليل المظلم ، ولذا من الضروري لمن اراد تجنب قسوة القلب ان يبادر الى قلع الاشواك التي تضر بأرضية القلب   .
ففي وصية امير المؤمنين لابنه الامام الحسن صلوات الله عليهما ( .. بُنَيَّ إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُنِي قَدْ بَلَغْتُ سِنّاً وَرَأَيْتُنِي أَزْدَادُ وَهْناً بَادَرْتُ بِوَصِيَّتِي إِلَيْكَ وَأَوْرَدْتُ خِصَالاً مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يَعْجَلَ بِي أَجَلِي دُونَ أَنْ أُفْضِيَ إِلَيْكَ بِمَا فِي نَفْسِي أَوْ أَنْ أُنْقَصَ فِي رَأْيِي كَمَا نُقِصْتُ فِي جِسْمِي أَوْ يَسْبِقَنِي إِلَيْكَ بَعْضُ غَلَبَاتِ اَلْهَوَى أَوْ فِتَنِ اَلدُّنْيَا فَتَكُونَ كَالصَّعْبِ اَلنَّفُورِ وَإِنَّمَا قَلْبُ اَلْحَدَثِ كَالْأَرْضِ اَلْخَالِيَةِ مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيْ ءٍ قَبِلَتْهُ فَبَادَرْتُكَ بِالْأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُوَ قَلْبُكَ وَيَشْتَغِلَ لُبُّكَ)٥.
سوء الظن بالله تعالى :
ان جعل الانسان مستخَلف على هذه الارض المعمورة لغرض تحصيل الكمالات ورفع الدرجات ، ومن المعلوم ان هذه الاغراض لا تتأتى عن طريق عصا موسى لمنافاتها للحكمة الالهية القائمة على الاخذ بالعلل والاسباب ، والحكمة الالهية اقتضت ان المقامات الرفيعة لا تُعطى الا بعد غربلة العبد وتمحيصه تمحيصا يستحق ان يكون جديرا ومؤهلا لنيل وسام القرب والرضا من الله سبحانه قال تعالى (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) .٦
فعند الغربلة والاختبار تظهر معادن الناس وتكتشف بواطنهم المستورة فيُمتحن المرء بشتى الفتن والمحن التي قد لا توافق مع هواه ولا تنسجم مع رغباته وقد يراها خلافا للعدالة الربانية والحكمة الالهية .
 وفي خضم هذه الفتن المظلمة يبرز ايمان الرجل وصلابة قلبه فهذا عمار بن ياسر رضوان الله عليه يسّجل موقفا عظيما يكشف عن صلابة ايمانه وعقيدته وقد قال عنه رسول الله (صلى الله عليه واله ) ( ان عمارا ملئ ايمانا من رأسه الى اخمص قدميه) وفي واقعة الجمل وقد ناهز التسعين من عمره يقاتل بين يدي امير المؤمنين عليه السلام وقال قولته المشهورة  ( أما والله لو ضربتمونا حتى تبلغونا سعفات هجر لعلمنا إنا على الحق وأنكم على الباطل٧) فهذا الموقف يكشف عن اجلى صور البصيرة وعن نورانية القلب والثقة بالله وحسن الظن به فلم يدع بصيص الارتياب وسوء الظن بالله ان ينفذ الى مسامع قلبه وعقله وان زحف بهم العدو الى سعفات هجر فلا يتزحزح الايمان من قلبه لأنه على دين الحق وأهله .
وأما القلوب الواجفة التي ما ان ابُتليت ( بشيء من الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ )٨ حتى كانت الشكوى والاعتراض والاستنكار بادية على لسان حالها لماذا ؟ وكيف ؟ ومتى ؟ ..
هؤلاء يريدون الحياة الدنيا كجنة الاخرة ونعيمها لا يصيبهم نصب ولا لغوب ويتمتعون في الدنيا بجنات تجري من تحتهم الانهار ويأتيهم رزقهم رغدا بكرة وعشية !! ان هذا لشيء عجاب ؟ وهل خُلقنا لأجل التمتع بنعم الدنيا وملذاتها من دون تنالنا المنغصات والمصائب ثم ينقل بنا الى جنة الفردوس ؟ كلا وألف كلا لو كان الامر كما يريدون لكان وجودنا عبثا وتعالى ربنا عن ذلك علوا كبيرا قال تعالى (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ) .٩ وقال سبحانه (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) .١٠
اذن اعزتي : ان الظروف مهما كانت قاسية وتسير عكس رغباتنا وتوجهاتنا فان لحقّ المولوية علينا ان نظهر اجلى علائم الرضا والثقة به ، وان نطرد عن ساحة قلوبنا الظنون المريبة التي لا تنسجم مع روح التوحيد وان نروّض قلوبنا على حُسن الظن بخالقنا وحكمته ، فان ما مُنع عنا من الحكمة خُفيت عن كليم الله اداركها فكيف بادناه مرتبة ؟ .
 وان النعم اذا زويت عن العبد انما لعلة المصلحة لو كانت لجلبت المفسدة وعجلّت في هلاك العبد ! فسّلم الحال الى رب المتعال وكن قرير العين مطمئن البال فهو ادرى بمصالح العباد وفي الحديث القدسي ( فلا يتكل العاملون على أعمالهم و إن حسنت ، ولا ييأس المذنبون من مغفرتي لذنوبهم وإن كثرت ، لكن برحمتي فليثقوا، ولفضلي فليرجوا ،وإلى حسن نظري فليطمئنوا ،وذلك أني أدبر عبادي بما يصلحهم ، و أنا بهم لطيف خبير.١١
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : والذي لا إله إلا هو ، لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده المؤمن ، لأن الله كريم بيده الخيرات ، يستحيي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن ثم يخلف ظنه ورجاءه، فأحسنوا بالله الظن وارغبوا إليه . ١٢وعن الإمام الرضا (عليه السلام): أحسن الظن بالله، فإن الله عز وجل يقول : أنا عند ظن عبدي المؤمن بي ، إن خيرا فخيرا ، وإن شرا فشرا .١٣

١- سورة الحجرات اية ١٢
٢- الخصال ص ١٥٥
٣- غرر الحكم ص ٥٤
٤- ميزان الحكمة ج ٦ ص ٥٦
٥- نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٨
٦- سورة العنكبوت اية ٢ 
٧- موسوعة الامام علي ج٩ ص ٣١٢
٨-سورة البقرة اية ١٥٥
٩- سورة المؤمنون اية ١١٥
١٠- سورة الانفال اية ٣٧
١١- مسند الامام الرضا ١٢٢
١٢- وسائل الشيعة ج ١٥ ص ٢١١
١٣- ميزان الحكمة ج ٦ ص ٦١

تعليقات

المتابعون

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حرز الامام الجواد عليه السلام هو نافع لدفع شر الجن والانس والحسد والشرور الكثيرة

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ اللَّهُمَّ رَبَّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ وَ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ وَ قَاهِرَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ وَ خَالِقَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ مَالِكَهُ كُفَّ عَنَّا بَأْسَ أَعْدَائِنَا وَ مَنْ أَرَادَ بِنَا سُوءاً مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ أَعْمِ أَبْصَارَهُمْ وَ قُلُوبَهُمْ وَ اجْعَلْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ حِجَاباً وَ حَرَساً وَ مَدْفَعاً إِنَّكَ رَبُّنَا لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ لَنَا إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا وَ إِلَيْهِ أَنَبْنَا وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ- رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَ اغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏ رَبَّنَا عَافِنَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ‏ آخِذٌ بِناصِيَتِها وَ مِنْ شَرِّ مَا يَسْكُنُ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ سُوءٍ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَ إِلَهَ الْمُرْسَلِينَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَجْمَ

احاديث اهل البيت في النفاق

نقلا عن كتاب ميزان الحكمة لريشهري   الإمام علي (عليه السلام) : النفاق يفسد الإيمان .  عنه (عليه السلام): النفاق أخو الشرك. - عنه (عليه السلام): النفاق توأم الكفر ). -  رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن النفاق يبدو لمظة سوداء، فكلما ازداد النفاق عظما ازداد ذلك السواد، فإذا استكمل النفاق اسود القلب . النفاق شين الأخلاق  -  الإمام علي (عليه السلام) : النفاق شين الأخلاق. - عنه (عليه السلام): ما أقبح بالإنسان ظاهرا موافقا، وباطنا منافقا! . - عنه (عليه السلام): ما أقبح بالإنسان أن يكون ذا وجهين! . - عنه (عليه السلام): الخيانة رأس النفاق . علة النفاق    الإمام علي (عليه السلام) : نفاق المرء من ذل يجده في نفسه . - عنه (عليه السلام): النفاق من أثافي الذل . - عنه (عليه السلام):  الكذب  يؤدي إلى النفاق . صفة  المنافق   -  الإمام علي (عليه السلام) :  المنافق  لنفسه مداهن، وعلى الناس طاعن . - عنه (عليه السلام):  المنافق  قوله جميل، وفعله الداء الدخيل . - عنه (عليه السلام):  المنافق  لسانه يسر، وقلبه يضر . - عنه (عليه السلام):  المنافق  وقح غبي، متملق شقي . - عنه (عليه السلام):  المنافق  مكور مضر

دُعاء القدحِ عظيمُ الشأنِ مكتوب

  دُعَاءُ الْقَدَحِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ بِاسْمِهِ الْمُبْتَدَإِ رَبِّ الْآخِرَةِ وَ الْأُولَى لَا غَايَةَ لَهُ وَ لَا مُنْتَهَى رَبِّ الْأَرْضِ وَ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى الرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىٰ. لَهُ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا وَ مٰا تَحْتَ الثَّرىٰ. وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفىٰ اللَّهُ عَظِيمُ الْآلَاءِ دَائِمُ النَّعْمَاءِ قَاهِرُ الْأَعْدَاءِ [رَحِيمٌ بِخَلْقِهِ] عَاطِفٌ بِرِزْقِهِ مَعْرُوفٌ بِلُطْفِهِ عَادِلٌ فِي حُكْمِهِ عَالِمٌ فِي مُلْكِهِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ رَحِيمُ الرُّحَمَاءِ- عَالِمُ الْعُلَمَاءِ صَاحِبُ الْأَنْبِيَاءِ غَفُورُ الْغُفَرَاءِ قَادِرٌ عَلَى مَا يَشَاءُ سُبْحَانَ اللَّهِ الْمَلِكِ الْوَاحِدِ الْحَمِيدِ ذِي الْعَرْشِ الْمَجِيدِ الْفَعَّالِ لِمَا يُرِيدُ رَبِّ الْأَرْبَابِ وَ مُسَبِّبِ الْأَسْبَابِ وَ سَابِقِ الْأَسْبَاقِ وَ رَازِقِ الْأَرْزَاقِ وَ خَالِقِ الْأَخْلَاقِ قَادِرٍ عَلَى مَا يَشَاءُ مُقَدِّرِ الْمَقْدُورِ وَ قَاهِرِ

بحث حول النفاق

النفاق : هو ان يظهر الانسان شيئا حسنا من عمل او فعل او قول بخلاف ما يضمره في باطنه فالمنافق له حالتان حالة ظاهرية توافقية مع الناس وحالة باطنية تغاير ظاهريته ، وقد اشار امير المؤمنين عليه السلام الى هذا المعنى بقوله( ما أقبح بالإنسان ظاهرا موافقا و باطنا منافقا 1 . وهذه الازدواجية في التعامل ناشئة من دواعي كثيرة في نفس المنافق سيأتي الحديث عنها لاحقا ان شاء الله تعالى . والنفاق تارة يكون في العقيدة كأن يظهر المنافق الإيمان بأصول الدين كالتوحيد والمعاد والنبوة ويظهر التزامه بفروع الدين كالصلاة والصوم ولكنه باطنه يخادع الله ورسوله والناس وما يخادع إلا نفسه قال تعالى ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ) 2 وقوله تعالى ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ( 142 ) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا

بحث حول ( اهمية التوبة )

إن التوبة كالماء الذي ينزل من السماء على الارض الميتة فيكسوها الحياة بعد الممات وكذا القلب التائب بعد أن هيّأ ارضية قلبه -من خلال الندم والتوبة والاستغفار - بأن تكون خصبة صالحة للتطهير والتزكية ما ان تنهمر على قلبه سحائب الرحمة ومفاتيح الرأفة فتحي القلب بالحياة بعد الممات والنور بعد الظلمات واليقظة بعد الغفلة والسبات.  فالقرآن الكريم يِعدّ الغارق في مستنقع الذنوب والكنود انه ميت الأحياء وأنه في ظلمات ليس بخارج منها إلا بالأوبة والنزوع عن الحوبة قال تعالى ( أ َوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ . 1 فالتوبة هي رجوع العبد إلى دوحة الرحمة والعفو والغفران مما فرّط في حق ربه من الذنوب والعصيان ، وأن فتح باب التوبة أمام عباده العاصين وقبولها لهي من أعظم النعم والمنح النازلة من فيض رحمته الواسعة على عباده التائبين روي عن الإمام علي (عليه السلام): من تاب تاب الله عليه وأمرت جوارحه أن تستر عليه، وبقاع الأرض أن تكتم عليه، وأنسيت الحفظة ما كانت تكتب عليه 2 . وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) وقد سمعه معاوية بن وهب يقول : إذا تاب الع

بحث حول لقمة الحرام وتاثيرها على قلب المؤمن

لا شك ان هناك علائق وروابط بين الامور المادية والمعنوية بحيث نلاحظ تأثير أحدهما على الآخر فانشراح القلب وانبساطه عامل دفع ومحرك نحو العمل وضيق الصدر وقسوته وظلمته عامل مثّبط للعمل  . وكذلك الكلام في مسالة لقُمة الحرام وتاثيرها الفاعل في تلويث القلب وما لها من الآثار الوضعية على القلب بحيث يعمى القلب عن رؤية الحق واستماع للحق واتباع الحق ومثقلة للعبادات وسالبة للتوفيق   ومن الإشارات إلى هذه النكتة كلام الإمام الحسين عليه السلام مع جيش ابن سعد قبل أن يلتقي المعسكران قال سلام الله عليه ((... وَيْلَكُمْ ما عَلَيْكُمْ اَنْ تَنْصِتُوا اِلَيّ فَتَسْمَعُوا قَوْلي وَاِنَّما اَدْعُوكُم الى سَبيلِ الرَّشادِ فَمَنْ اَطاعَنِي كانَ مِنَ الْمُرْشَدِينَ وَمَنْ عَصانِي كانَ مِنَ الْمُهْلَكِينَ وَكُلُّكُمْ عاصٍ لأمري غَيْرُ مُسْتَمِعٍ لِقَوْلي قَدِ انْخَزَلَتْ عَطِيّاتُكُمْ مِنَ الْحَرامِ وَمُلِئَتْ  بُطُونُكُمْ مِنَ الْحَرام فَطَبعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيْلَكُمْ اَلا تَنْصِتُونَ اَلا تَسْمَعُونَ؟... تَبّاً لَكُمْ اَيَّتها الْجَماعَةُ وَتَرَحاً .  1 ولقد ضرب القرآن الكريم نموذجا عن المرابي الذي