التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ

بحث حول لقمة الحرام وتاثيرها على قلب المؤمن


لا شك ان هناك علائق وروابط بين الامور المادية والمعنوية بحيث نلاحظ تأثير أحدهما على الآخر فانشراح القلب وانبساطه عامل دفع ومحرك نحو العمل وضيق الصدر وقسوته وظلمته عامل مثّبط للعمل  .
وكذلك الكلام في مسالة لقُمة الحرام وتاثيرها الفاعل في تلويث القلب وما لها من الآثار الوضعية على القلب بحيث يعمى القلب عن رؤية الحق واستماع للحق واتباع الحق ومثقلة للعبادات وسالبة للتوفيق  
ومن الإشارات إلى هذه النكتة كلام الإمام الحسين عليه السلام مع جيش ابن سعد قبل أن يلتقي المعسكران قال سلام الله عليه ((... وَيْلَكُمْ ما عَلَيْكُمْ اَنْ تَنْصِتُوا اِلَيّ فَتَسْمَعُوا قَوْلي وَاِنَّما اَدْعُوكُم الى سَبيلِ الرَّشادِ فَمَنْ اَطاعَنِي كانَ مِنَ الْمُرْشَدِينَ وَمَنْ عَصانِي كانَ مِنَ الْمُهْلَكِينَ وَكُلُّكُمْ عاصٍ لأمري غَيْرُ مُسْتَمِعٍ لِقَوْلي قَدِ انْخَزَلَتْ عَطِيّاتُكُمْ مِنَ الْحَرامِ وَمُلِئَتْ  بُطُونُكُمْ مِنَ الْحَرام فَطَبعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيْلَكُمْ اَلا تَنْصِتُونَ اَلا تَسْمَعُونَ؟... تَبّاً لَكُمْ اَيَّتها الْجَماعَةُ وَتَرَحاً1
ولقد ضرب القرآن الكريم نموذجا عن المرابي الذي أكل الأموال بالباطل حيث وصفه بالممسوس أي المجنون في قيامه وحركته حيث فقد التوازن والاعتدال في سلوكه قال تعالى (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ .2
ان الاعراض والعزوف الحاصل عن عدم تقبل المواعظ وعدم التفاعل مع العبادات  والإعراض والعزوف عن تلاوة القرآن وقراءة الدعاء أو عدم ملامسة اثارهما الباطنية المباركة وكذلك الحرمان من التأثر والتفاعل مع الصلاة والزيارة والحج .. الخ فهذه الآثار السلبية الخطيرة فإن إحدى موجباتها الرئيسية هو أكل مال الحرام بالباطل .
ان لقمة الحرام تؤثر على نطفة الرجل وعلى اخلاق الذرية ومزاجها التربوي وبالجملة إن أكل الحرام يسري في كل شيء سريان النار في الهشيم .
إن عدم المبالاة بحلية الشيء أو حرمته وعدم التورع في مواطن الشبهات يوقع الشخص في محاذير ومحرمات عديدة.
ومن الطريف أنه يحكى كما  ينقل صاحب موسوعة الإمام علي ابن ابي طالب عليه السلام  نقلا عن كتاب * الأربعون حديثا *  عليّ بن محمّد: رأيت ابنة أبي الأسود الدؤلي وبين يدَي أبيها خَبيص فقالت: يا أبه، أطعِمني، فقال: افتحي فاك. قال : ففتحت، فوضع فيه مثل اللوزة، ثمّ قال لها: عليك بالتمر؛ فهو أنفع وأشبع.
فقالت: هذا أنفع وأنجع ؟
فقال: هذا الطعام بعث به إلينا معاوية يخدعنا به عن حبّ عليّ بن أبي طالب(عليه السلام).فقالت: قبّحه اللَّه! يخدعنا عن السيّد المطهّر بالشهد المزعفر؟ تبّاً لمرسله وآكله! ثمّ عالجت نفسها وقاءت ما أكلت منه، وأنشأت تقول باكية:
أبالشهد المُزعفَر يا بن هندٍ
نبيع إليك إسلاماً ودينا
فلا واللَّه ليس يكون هذا
ومولانا أمير المؤمنينا .  
وعن النبي (صلى الله عليه وآله): إذا وقعت اللقمة من حرام في جوف العبد لعنه كل ملك في السماوات والأرض3                                  
ومن العجيب أن البعض يتفنن في كسب مال الحرام ويعّده من الحذاقة والكياسة ويتغافل عن هدم مروءته وعفته ومعّرضا شخصيته الانسانية ان تُماثل طبائع الحيوانية التي لا هم لها سوى العلف والتقمم !! فهل يا ترى اُستخلف الانسان في الارض لكي يأكل الأموال بالسحت ام يسعى لتعمير الارض والاخرة ؟ قال تعالى: وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا) 4 وقال سبحانه : هُوَ  اَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا. 5
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : نعم العون الدنيا على الآخرة .6
وقد خُلق الإنسان لأجل التحلي بمكارم الأخلاق كالورع والقناعة والعفة وليس ان يتردى إلى ادنى طبائع الحيوانية ؟ الم يؤمر بالتدبر والنظر الى حلية الطعام  بقوله تعالى (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ) 7 .
أن الواله لجمع المال من أسبابها الغير المشروعة كالساعي الظمآن  خلف السراب لن يجد الارتواء والراحة والطمأنينة مهما جدّ في الطلب لان ما كان يظنه ماءً بانَ سرابا وكذلك طالب الدنيا الذي لا هم له سوى جمع الاموال من اي مورد اتفق لن يجد الارتواء مهما جدّ في السعي فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): منهومان لا يشبع طالبهما : طالب العلم وطالب الدنيا . 8 روي عن الإمام الكاظم (عليه السلام): مثل الدنيا مثل ماء البحر ، كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتى يقتله  . 9
الحرص على استيلاء الأموال من أي مورد كان ومن أي جهة اتفق يجعل الفرد لا يكترث ولا يبالي بالآثار الوضعية التي تُنكّس قلبه وبالتالي تُهدّد مصيره الأخروي .
واذا كان أصل مال الفرد حلالا فليس بالضرورة ان لا يأكل حراما فما أكثر ما يُباع في أسواق المسلمين من اللحوم والأجبان وغيرهما من المواد المعدة للأكل التي يتم استيرادها من دول لا تتورع عن الحرمة ومع ذلك لا يتورع الفرد عن شرائها ولا يعبأ بما تؤول إليه هذه الاطعمة من اضرار وضعية سلبية على قلبه وصحته

 مال الحرام وأثره على القلب :
إن فتنة المال من أشد الفتن على بني آدم ، حيث يضعف تحت تأثيره الكثير ، وقلمّا تجد انُاسا يخرجون من قبضة سلطانه ، وقد أهلك أمما كثيرة فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم ، وهما مهلكاكم .10
وهنا توجد نقطة جديرة بالوقوف عندها والتأمل فيها : وهي أن سبل استيلاء على مال الحرام كثيرة ومتعددة وبالنهاية يجمعها عنوان واحد وهو مال الحرام ولكن تتفاوت المسالة قوة وضعفا بالنسبة الى طريق الكسب الذي تمَّ من خلاله الاستيلاء على الأموال المحرمة ، فالدرهم المأخوذ عنوةً واحتيالا من مال اليتيم أو من المعاملة الربوية لا يساوق الدرهم الحرام المأخوذ من تقصير في عمل معين كخياط الثوب . 
فكلما كان مورد كسب مال الحرام يتميز بشدة القبح والمبغوضية عند الله تعالى كان اشد اثرا ووقعا على القلب في تحجره وقسوته فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) :... وشر الكسب كسب الربا، وشر المآكل أكل مال اليتيم ظلما ) 11
 وعن الإمام الصادق (عليه السلام): درهم ربا أعظم عند الله من سبعين زنية بذات محرم في بيت الله الحرام 12
وإذا كانت التخمة من مال الحلال ورد فيها الكراهية (سيأتي بحثها لاحقا ان شاء الله تعالى) لما فيها من المحاذير والآثار السلبية والكبيرة على القلب وعلى العبادات فما بالك بمال الحرام ؟ 
ثم إن القلوب ما دامت مولعةً بأكل الأموال بالباطل وما دامت هذه القلوب مشغوفةً ومسكورةً ومشغولةً بكسب الاموال ظلماً لا يمكن أن تجتمع مع حب الله تعالى قال تعالى (مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُل مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) 13
فكيف يجتمع في قلب العبد حبان ؟  حب أكل الأموال بالباطل ،وحب الله ؟ فحب الله يساوق الاتباع والامتثال ولا يجامع مع التعدي والعصيان قال تعالى ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ 14
نعم إنْ خلع الشخص عن نفسه جلباب الطمع و الأنانية وتدرع بدرع الحياء والخوف من الله تعالى حينها يؤوب القلبُ الى طهارته ونورانيته 
الخلاصة : ان الباري عز وجل الذي قد أوجد الإنسان من العدم وأسبغ عليه النعم ،وتكفل برزقه وهو في رحم امه الى ان تراق روحه ولم يتخل عن رفده بالنعم وإن عصى وكفر !! فكيف بمن أطاع وشكر ؟؟ أي جرم وقبح حينما يقطع العبدُ أواصر الثقة بربه فتسوقه مطامعُه النفسية ان يقتحمَ اسوارَ حرمته فلا يدع سبيلا يدّر عليه المال  الحرام إلا اقتحمه وسلكه !!.
مع أن الله عز وجل فتح ابواب رحمته ودّل على استنزال فضله وكرمه وضمن استجابة دعوة عبده فقال (وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا).15
وما على المرء إلا أن يكبح شهواته وأطماعه ويقنع بما قُدّر له من الرزق عن النبي (صلى الله عليه وآله):  في حديث المعراج " مررت بقوم بين أيديهم موائد من لحم طيب ولحم خبيث يأكلون اللحم الخبيث ويدعون الطيب، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون الحرام ، ويدعون الحلال )16
وعن الإمام قال الصّادق (عليه السلام): ترك لقمة حرام أحبّ إلى الله تعالى من صلاة ألفي ركعة تطوّعاً .  17        
قصة شريك بن عبد الله النخعي وهي منقولة ولا نعلم مدى صحتها :
كان شريك من فقهاء القرن الثاني الهجري المعروف بالزهد والعبادة والعلم ، وكان الخليفة المهدي العباسي راغبا في ان يوليه منصب القضاء ، ولكنه كان يرفض تسلمه لأنه يعلم أن في ذلك مساعدة للظالم ، كما ان الخليفة كان يريده أن يعلم اطفاله وكان شريك يرفض ايضا، وفي يوم من الايام ارسل المهدي الى شريك وقال له لابد تجيبني الى واحدة من ثلاث  :إما أن تتولى القضاء أو تحدث ولدي وتعلمهما أو تأكل معنا اكلة . ففكر شريك فقال ان الاكلة اخفهن علي ، فأمر المهدي الطباخ بإعداد الوان لقمة الحرام الطعام الشهية ، فلما فرغ شريك من طعامه قال القيم على المطبخ : لن ينجو الشيخ بعد هذه الاكلة ابدا .وفعلا فلم تمض مدة طويلة حتى ولي منصب القضاء وصار معلما أولاد الخليفة ، وصار له راتب من  بيت المال.وفي يوم من الايام حدث نزاع بينه وبين خازن بيت المال حول درهم مغشوش وجده شريك في مرتبه ، فأعاده  الى الخازن طالبا تبديله ، فتعجب القائم على بيت المال وقال له : انك لم تبع بُرا - وهو يقصد أن راتب شريك يبلغ ألف درهم فكيف لم يترفع عن هذا الدرهم المغشوش ، فقال له شريك : بلى لقد بعت أكبر من البُر لقد بعت ديني .


1- لواعج الأشجان 126
2-سورة البقرة آية 27
3- مشكاة الانوار ص 242
4- سورة الإسراء آية 19
5-سورة هود آية  61
6-  سورة عبس آية  24
7-مشكاة الأنوار ص 109
8- ميزان الحكمة ج 3 ص 282
9-ميزان الحكمة ج 3 ص  202
10- مشكاة الانوار ص 97
11- ميزان الحكمة ص 88
12- عوالي اللآلي ج 3 ص  37
13- سورة الأحزاب آية 4
14-ال . عمران آية 31
15- النساء آية 32
16- ميزان الحكمة ج 4 ص 88

17- عدة الداعي ص 88

تعليقات

المتابعون

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حرز الامام الجواد عليه السلام هو نافع لدفع شر الجن والانس والحسد والشرور الكثيرة

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ اللَّهُمَّ رَبَّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ وَ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ وَ قَاهِرَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ وَ خَالِقَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ مَالِكَهُ كُفَّ عَنَّا بَأْسَ أَعْدَائِنَا وَ مَنْ أَرَادَ بِنَا سُوءاً مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ أَعْمِ أَبْصَارَهُمْ وَ قُلُوبَهُمْ وَ اجْعَلْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ حِجَاباً وَ حَرَساً وَ مَدْفَعاً إِنَّكَ رَبُّنَا لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ لَنَا إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا وَ إِلَيْهِ أَنَبْنَا وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ- رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَ اغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏ رَبَّنَا عَافِنَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ‏ آخِذٌ بِناصِيَتِها وَ مِنْ شَرِّ مَا يَسْكُنُ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ سُوءٍ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَ إِلَهَ الْمُرْسَلِينَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَجْمَ

احاديث اهل البيت في النفاق

نقلا عن كتاب ميزان الحكمة لريشهري   الإمام علي (عليه السلام) : النفاق يفسد الإيمان .  عنه (عليه السلام): النفاق أخو الشرك. - عنه (عليه السلام): النفاق توأم الكفر ). -  رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن النفاق يبدو لمظة سوداء، فكلما ازداد النفاق عظما ازداد ذلك السواد، فإذا استكمل النفاق اسود القلب . النفاق شين الأخلاق  -  الإمام علي (عليه السلام) : النفاق شين الأخلاق. - عنه (عليه السلام): ما أقبح بالإنسان ظاهرا موافقا، وباطنا منافقا! . - عنه (عليه السلام): ما أقبح بالإنسان أن يكون ذا وجهين! . - عنه (عليه السلام): الخيانة رأس النفاق . علة النفاق    الإمام علي (عليه السلام) : نفاق المرء من ذل يجده في نفسه . - عنه (عليه السلام): النفاق من أثافي الذل . - عنه (عليه السلام):  الكذب  يؤدي إلى النفاق . صفة  المنافق   -  الإمام علي (عليه السلام) :  المنافق  لنفسه مداهن، وعلى الناس طاعن . - عنه (عليه السلام):  المنافق  قوله جميل، وفعله الداء الدخيل . - عنه (عليه السلام):  المنافق  لسانه يسر، وقلبه يضر . - عنه (عليه السلام):  المنافق  وقح غبي، متملق شقي . - عنه (عليه السلام):  المنافق  مكور مضر

دُعاء القدحِ عظيمُ الشأنِ مكتوب

  دُعَاءُ الْقَدَحِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ بِاسْمِهِ الْمُبْتَدَإِ رَبِّ الْآخِرَةِ وَ الْأُولَى لَا غَايَةَ لَهُ وَ لَا مُنْتَهَى رَبِّ الْأَرْضِ وَ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى الرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىٰ. لَهُ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا وَ مٰا تَحْتَ الثَّرىٰ. وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفىٰ اللَّهُ عَظِيمُ الْآلَاءِ دَائِمُ النَّعْمَاءِ قَاهِرُ الْأَعْدَاءِ [رَحِيمٌ بِخَلْقِهِ] عَاطِفٌ بِرِزْقِهِ مَعْرُوفٌ بِلُطْفِهِ عَادِلٌ فِي حُكْمِهِ عَالِمٌ فِي مُلْكِهِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ رَحِيمُ الرُّحَمَاءِ- عَالِمُ الْعُلَمَاءِ صَاحِبُ الْأَنْبِيَاءِ غَفُورُ الْغُفَرَاءِ قَادِرٌ عَلَى مَا يَشَاءُ سُبْحَانَ اللَّهِ الْمَلِكِ الْوَاحِدِ الْحَمِيدِ ذِي الْعَرْشِ الْمَجِيدِ الْفَعَّالِ لِمَا يُرِيدُ رَبِّ الْأَرْبَابِ وَ مُسَبِّبِ الْأَسْبَابِ وَ سَابِقِ الْأَسْبَاقِ وَ رَازِقِ الْأَرْزَاقِ وَ خَالِقِ الْأَخْلَاقِ قَادِرٍ عَلَى مَا يَشَاءُ مُقَدِّرِ الْمَقْدُورِ وَ قَاهِرِ

بحث حول النفاق

النفاق : هو ان يظهر الانسان شيئا حسنا من عمل او فعل او قول بخلاف ما يضمره في باطنه فالمنافق له حالتان حالة ظاهرية توافقية مع الناس وحالة باطنية تغاير ظاهريته ، وقد اشار امير المؤمنين عليه السلام الى هذا المعنى بقوله( ما أقبح بالإنسان ظاهرا موافقا و باطنا منافقا 1 . وهذه الازدواجية في التعامل ناشئة من دواعي كثيرة في نفس المنافق سيأتي الحديث عنها لاحقا ان شاء الله تعالى . والنفاق تارة يكون في العقيدة كأن يظهر المنافق الإيمان بأصول الدين كالتوحيد والمعاد والنبوة ويظهر التزامه بفروع الدين كالصلاة والصوم ولكنه باطنه يخادع الله ورسوله والناس وما يخادع إلا نفسه قال تعالى ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ) 2 وقوله تعالى ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ( 142 ) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا

بحث حول ( اهمية التوبة )

إن التوبة كالماء الذي ينزل من السماء على الارض الميتة فيكسوها الحياة بعد الممات وكذا القلب التائب بعد أن هيّأ ارضية قلبه -من خلال الندم والتوبة والاستغفار - بأن تكون خصبة صالحة للتطهير والتزكية ما ان تنهمر على قلبه سحائب الرحمة ومفاتيح الرأفة فتحي القلب بالحياة بعد الممات والنور بعد الظلمات واليقظة بعد الغفلة والسبات.  فالقرآن الكريم يِعدّ الغارق في مستنقع الذنوب والكنود انه ميت الأحياء وأنه في ظلمات ليس بخارج منها إلا بالأوبة والنزوع عن الحوبة قال تعالى ( أ َوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ . 1 فالتوبة هي رجوع العبد إلى دوحة الرحمة والعفو والغفران مما فرّط في حق ربه من الذنوب والعصيان ، وأن فتح باب التوبة أمام عباده العاصين وقبولها لهي من أعظم النعم والمنح النازلة من فيض رحمته الواسعة على عباده التائبين روي عن الإمام علي (عليه السلام): من تاب تاب الله عليه وأمرت جوارحه أن تستر عليه، وبقاع الأرض أن تكتم عليه، وأنسيت الحفظة ما كانت تكتب عليه 2 . وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) وقد سمعه معاوية بن وهب يقول : إذا تاب الع