قال تعالى ( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قال نبّأني العليم الخبير )
ما زلنا نؤكد على مسألة التدبر والتمّعن والنظر في الايات القرانية لانها كنوزٌ عميقةٌ تحتاجُ الى الغور في الأعماق بالاستعان بقوة النظرِ والتفكرِ بعد توفيق الله تعالى لعبده .
في هذه الآية المباركة تشير إلى حادثة وقعتْ مع النبي(صلوات الله عليه وآله) واحدى زوجاته .
ونحن نتركُ سردَ الحادثة ونرجو من القارئ الكريم مراجعة الحادثة في التفاسير لأننا لا نريد الاطالة والاسهاب في طرحنا هذا ، ولكن نريد أن نقف على مسألتين مهمتين من الحادثة :
المسألة الأولى :
ضرورة كتمان ( الأسرار الزوجية ومن كلا الطرفين ) عن أي شخص خارج إطار الاسرة والزوجية سواء كان قريبا أو غريبا .
فمن الواجب صيانة الأسرار الأسرية عن الأجانب لأنها :
اولاً : أمانات ومن الواجب حفظها .
وثانياً : أن الغالب عند اظهار الاسرار تكون سبباً الى نشوء مشاكل جمة وكثيرة لا تحمد عقباها .
ثالثا: ارتكاب الإثم والمعصية وبالتالي استحقاق العقاب .
المسألة الثانية : أن رسول الله ( صلوات الله عليه وآله ) لم يفصح ويظهر جميع تفاصيل الحادثة إنما اكتفى بذكر البعض ويتغافل عن الآخر !!!
بعبارة أخرى أن رسول الله ( صلوات الله عليه وآله ) لم يذكر لزوجته التي لم تتصرف معه بصورة ايجابية التفاصيل الكلية لحادثة انما اكتفى ببعضها كما ذكرت الاية (عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ) .
وهذا التصرف يعدّ من أنبل وأشرف الاخلاق ويسمى اليوم ربما بمصطلح ( فن التغافل )
وهو عدم استقصاء الحق من الاخر بتمامه وكماله ولذا يقول علي عليه السلام ( ما استقصى كريم قط ) .
فالكريم لا يأخذ ولا يستقصي حقه بتمامه .
وهذا الخُلق لو تصّرف به الزوجان او الوالدان أو أرباب العمل والحاكم والصديق لكانت الحالة الاجتماعية والاسرية تختلف اختلافا كبيرا ولكن للأسف قلمّا تجد هذا الخُلق يُعمل به في أوساطنا !!
بل تجد أن صاحب الحق ليس فقط يريد حقه بل يتجاوز على حقه .
فلذا تجد البعض الناس يحاسب على الصغيرة والكبيرة ويحاول ان يتذكر امورا قد اكلَ عليها الدهرُ وشرب من أجل استقصاء الآخر وإفحامه في الكلام والفعل !!
وهذا التصرف ليس من خُلق القرآن الكريم ولا من سيماء الصالحين فعلى المؤمن التأدب بأدب القرآن .١- سورة التحريم
تعليقات