التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ

بحث حول ( اهمية البكاء من خشية الله تعالى )







إن البكاء سمة وعلامة الخشية والخشوع والتذلل والاستكانة والمسكنة لله تعالى ودليل الحب والعشق ، وأنه ليرقق القلب وليّنه ، والمداومة على البكاء خير معين لرقة القلب ونورانيته ، وتطهيره من الأدران التي تتعلق على جدرانه قال تعالى (ومِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ) ١ وقال سبحانه (ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا).٢

وان من اعظم الارزاق الإلهية والألطاف المعنوية ان يُوفَّق العبد للبكاء من خشية الله، ومن جمالية البكاء انه خليط الحزن والحرقة والنشوة والراحة روي عن الإمام علي (عليه السلام): بكاء العيون وخشية القلوب من رحمة الله تعالى ذكره ، فإذا وجدتموها فاغتنموا الدعاء 

وان البكاء مع التذلل خير سبيل لاستنزال الغيث والرحمات الالهية ، فالصغار يمتلكون وسائل جميلة وأساليب لطيفة امام اهلهم كالتملق والتودد ومنها البكاء لأجل دفع عقوبة عن انفسهم او لحصول اشياء منهم.              

فالبكاء سواء كان خوفا من عقوبة أو طمعا في مثوبة أو تملقاً للمحبوب او شكرا للمعبود كل تلكم المقاصد هن من علائم العبودية لله عز وجل وإن كان هناك بون واسع بينهن من جهة الاخلاص والمعرفة وهذه النكتة سيأتي طرف منها في اخر البحث إن شاء الله تعالى.

إذن البكاء هو من أظهر تجليات المسكنة والفقر والفاقة والإنابة ويتسبب في إطفاء الغضب الإلهي وسخطه روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): من خرج من عينيه مثل الذباب من الدمع من خشية الله آمنه الله به يوم الفزع الأكبر  

نقل عن الإمام الصادق (عليه السلام): ما من شئ إلا وله كيل أو وزن إلا الدموع ، فإن القطرة منها تطفي بحارا من نار، وإذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة، فإذا فاضت حرّمه الله على النار، ولو أن باكيا بكى في أمة لرحموا 

نُقل عن علي عليه السلام وهو يتكلم مع نوف  قال: أراقد أنت يا نوف ؟» قال: لا يا أمير المؤمنين، ما أنا براقد، ولقد أطلت بكائي هذه الليلة، فقال : «يا نوف، إن طال بكاؤك في هذا الليل مخافة من اللَّه عزّ وجلّ قرّت عيناك غداً بين يدي اللَّه عزّ وجلّ. يا نوف، إنّه ليس من قطرة قطرت من عين رجل من خشية اللَّه إلّا أطفأت بحاراً من النيران. يا نوف ، إنّه ليس من رجل أعظم منزلة عند اللَّه من رجل بكى من خشية اللَّه وأحبّ في اللَّه وأبغض في الله . ٦


لِمَ تجف الدموع  ؟ : 


وحينما تجف دموع العبد من البكاء من خشية الله يكشف عن قسوة القلب ، وقساوته ناتجة عن كثرة الذنوب روي عن الإمام علي (عليه السلام): ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب 

فلو أن ذوي الذنوب والمعاصي حطّوا رحالهم عند اعتاب ربهم وأنابوا إليه بالتضرع والبكاء لما قست القلوب ولاستنزلوا مفاتيح الرحمة ولاستنارت القلوب من غفلتها نقل عن أمير المؤمنين عليه السلام : البكاء من خشية الله ينير القلب ويعصم من معاودة الذنب.٨

ونقل عنه عليه السلام : البكاء من خشية الله مفتاح الرحمة.٩ وروي قال عليه السلام: بالبكاء من خشية الله تمحّص الذنوب.. ١٠

وروي عن الامام الصادق عليه السلام قال: إن الرجل ليكون بينه وبين الجنة أكثر مما بين الثرى إلى العرش ، لكثرة ذنوبه ، فما هو إلا أن يبكي من خشية الله عز وجل ، ندما عليها حتى يصير بينه وبينها أقرب من جفنه إلى مقلته .١١


البكاء من شذرات الخوف : 


أن استدامة الشعور بالتقصير في أداء حق المولى عز وجل والاعتراف بالتقصير لتحصيل الشكر على نعمه وفضائله أمر محبوب ومطلوب وروي عن الإمام الكاظم (عليه السلام): عليك بالجد ، لا تخرجن نفسك من حد التقصير في عبادة الله عز وجل وطاعته ، فإن الله لا يعبد حقّ عبادته .١٢ ونقل عنه (عليه السلام): أكثر من أن تقول: اللهم لا تجعلني من المعارين ولا تخرجني من التقصير ، قال: قلت : أما المعارون فقد عرفت أن الرجل يعار الدين ثم يخرج منه ، فما معنى لا تخرجني من التقصير ؟ فقال : كل عمل تريد به الله عز وجل فكن فيه مقصرا عند نفسك ، فإن الناس كلهم في أعمالهم فيما بينهم وبين الله مقصرون إلا من عصمه الله عز وجل .١٣

فإذن فالشعور بالتقصير أمام عظمة الباري أمر ضروري ولو مع الطاعة والمنزلة الخصيصة ، ومن أسباب نشوء هذا الدافع في القلب العبد هو الخوف مكر الله ومن سوء العاقبة ...ففي دعاء السجاد عليه السلام: إلهي اِنَّ رَجآئي لا يَنْقَطِعُ عَنْكَ وَاِنْ عَصَيْتُكَ  ،كَما اَنَّ خَوْفي لا يُزايِلُني وَاِنْ اَطَعْتُكَ.١٤

ومن ثمرات الخوف وحسناته المباركة هو كثرة البكاء من خشية الله تعالى وسواء أكان البكاء طلبا للعفو عن تقصير تجاه نعم الله وإحسانه أو غفرانا للذنوب والآثام روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): طوبى لصورة نظر الله إليها تبكي على ذنب من خشية الله عز وجل ، لم يطلع على ذلك الذنب غيره .1٥ وعنه روي (صلى الله عليه وآله) وفي خطبة الوداع : ومن ذرفت عيناه من خشية الله كان له بكل قطرة من دموعه مثل جبل أحد يكون في ميزانه من الأجر.١٦

ان اغلاق باب التضرع والبكاء من خشية الله تعالى إنما هو  علامة الشقاء وحرمان النفس من الفيوضات والتوفيقات الإلهية التي تغدق وتفاض على البكائين ونقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): من علامات الشقاء جمود العين.١٧ وروي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): ما من قطرة أحب إلى الله عز وجل من قطرتين : قطرة دم في سبيل الله ، وقطرة دمعة في سواد الليل ، لا يريد بها عبد إلا الله عز وجل .١٨

 وان العالم المجهول الذي ينتظر الإنسان ما بعد الموت من ظلمة القبر ووحشته وغربته وضيق لحده وسؤال منكر ونكير والوقوف بين يدي الله للحساب كل هذه المواقف العظيمة والمخيفة تجعل المؤمن مشغول الفكر دائم الخوف والحذر من موجبات العقاب فمن الضروري التضرع والبكاء وطلب النجاة من رب المتعال .

فليس لدينا صك الغفران ولا فيزا عبور الى جنات النعيم ، وما وعُدنا بالجنة كما وعُد الخواص من عباده ، وفيما أوحي الله إلى موسى (عليه السلام) -: ابكِ على نفسك ما دمت في الدنيا ، وتخوف العطب والمهالك ، ولا تغرنك زينة الحياة الدنيا وزهرتها .١٩

وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله): سبعة في ظل عرش الله عز وجل يوم لا ظل إلا ظله:... ورجل ذكر الله عز وجل خاليا ففاضت عيناه من خشية الله .٢٠

إذا أن من العقل لمن يريد أن يُقدم إلى ذلك العالم المهول والغريب والمديد أن يتوسل بعين دامعة وقلب حزين الى الله تعالى بان يتفضل عليه برحمته وعطفه وحلمه وان يتولى امره ويحشره مع محمد وأهل بيته ( صلوات الله عليهم اجمعين .

يقول الإمام السجاد في دعائه : وَمالي لا اَبْكي وَلا اَدْري اِلى ما يَكُونُ مَصيري ، وَاَرى نَفْسي تُخادِعُني ، وَاَيّامي  تُخاتِلُني ، وَقَدْ خَفَقَتْ عِنْدَ رَأسي اَجْنِحَةُ الْمَوْتِ ، فَمالي لا اَبْكي اَبْكي ، لِخُروجِ نَفْسي ، اَبْكي لِظُلْمَةِ قَبْري، اَبْكي لِضيقِ لَحَدي، اَبْكي لِسُؤالِ مُنْكَر وَنَكير اِيّايَ، اَبْكي لِخُرُوجي مِنْ قَبْري عُرْياناً ذَليلاً حامِلاً ثِقْلي عَلى ظَهْري ، اَنْظُرُ مَرَّةً عَنْ يَميني وَاُخْرى عَنْ شِمالي ، اِذِ الْخَلائِقِ في شَأن غَيْرِ شَأني  ..الخ .2١


بُكاء الخواص : 


وهناك بكاء لخواص عباده وهو بكاء الحب والعشق للمحبوب الأوحد لا خوفا من نار ولا طمعا في جنة وتذكر كتب السيرة عن نبي الله شعيب (على نبينا واله وعليه افضل الصلوات والتحيات) أنه كان كثير البكاء حبا لله سبحانه روي عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله ) : بكى شعيب (عليه السلام من حب اللّه عز وجل حتى عمي , فرّد  اللّه عز وجل عليه بصره , ثم بكى حتى عمي فرد اللّه عليه بصره , ثم بكى حتى عمي فرد اللّه عليه بصره , فلما كانت الرابعة اوحى اللّه اليه  : يا شعيب , إلى متى يكون هذا ابدا منك ؟ فقد أجرتك , وإن يكن شوقا إلى الجنة فقد ابحتك . قال : الهي وسيدي , أنت تعلم اني ما بكيت خوفا من نارك ولا شوقا الى جنتك , ولكن عقد حبك على قلبي فلست أصبر او اراك . فأوحى اللّه جل جلاله اليه : اما اذا كان هذا هكذا فمن اجل هذا سأخدمك كليمي موسى بن عمران .٢٢

وان بكاء أهل البيت عليهم السلام في حبهم لله سبحانه لهي أشهر من نار على علم وان تراثهم وسيرتهم في أدعيتهم وأحوالهم تشهد بأنهم كانوا بكل وجودهم و وجدانهم وشغفهم وولهم يتوجهون الى بارئهم .

ومن دعاء الإمام زين العابدين(عليه السلام)  وهو متعلق بأستار الكعبة -: نامت العيون، وعلت النجوم، وأنت الملك الحي القيوم، غلقت الملوك أبوابها، وأقامت عليها حراسها، وبابك مفتوح للسائلين، جئتك لتنظر إلي برحمتك يا أرحم الراحمين، ثم أنشأ يقول: يا من يجيب دعا المضطر في الظلم * يا كاشف الضر والبلوى مع السقم 

قد نام وفدك حول البيت قاطبة * وأنت وحدك يا قيوم لم تنم

أدعوك رب دعاء قد أمرت به * فارحم بكائي بحق البيت والحرم 

إن كان عفوك لا يرجوه ذو سرف * فمن يجود على العاصين بالنعم .٢٣

إذن فالبكاء من أفضل الكمالات المعنوية وأنه خير سبيل للإزالة الآثام والرين عن القلب فهو يعيد الحيوية والنقاوة الى القلب من جديد .



١- سورة مريم آية ٥٨
٢- سورة الإسراء آية ١٠٩
٣- ميزان الحكمة ج ١ ص ٢٧٩
٤- روضة الواعظين ج ٢ ص ٢٩
٥- من لا يحضره الفقيه ص ٤٨
٦- موسوعة الإمام علي ج ١٠ ص ٨٦
٧- مشكاة الانوار ص ١٩٦
٨- غرر الحكم ص ١٢٥
٩- نفس المصدر 
١٠- نفس المصدر
١١- نفس المصدر
١٢- روضة الواعظين ج ٢ ص ٢٨
١٣- وسائل الشيعة ج  ١٢ ص١٤
١٤- مفاتيح الجنان 
١٥- وسائل الشيعة ج ١٥ ص ٢١٢
١٦- ميزان الحكمة ج ١ ص ٢٨٧
١٧- نفس المصدر ص ٢٨
١٨- نفس المصدر 
١٩ نفس المصدر 
٢٠- نفس المصدر 
٢١ - مفاتيح الجنان 
٢٢- علل الشرائع ص ٨٤

٣٢- ميزان الحكمة ج ١٠ ص ٢٤٦



تعليقات

المتابعون

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حرز الامام الجواد عليه السلام هو نافع لدفع شر الجن والانس والحسد والشرور الكثيرة

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ اللَّهُمَّ رَبَّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ وَ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ وَ قَاهِرَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ وَ خَالِقَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ مَالِكَهُ كُفَّ عَنَّا بَأْسَ أَعْدَائِنَا وَ مَنْ أَرَادَ بِنَا سُوءاً مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ أَعْمِ أَبْصَارَهُمْ وَ قُلُوبَهُمْ وَ اجْعَلْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ حِجَاباً وَ حَرَساً وَ مَدْفَعاً إِنَّكَ رَبُّنَا لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ لَنَا إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا وَ إِلَيْهِ أَنَبْنَا وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ- رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَ اغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏ رَبَّنَا عَافِنَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ‏ آخِذٌ بِناصِيَتِها وَ مِنْ شَرِّ مَا يَسْكُنُ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ سُوءٍ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَ إِلَهَ الْمُرْسَلِينَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَجْمَ

احاديث اهل البيت في النفاق

نقلا عن كتاب ميزان الحكمة لريشهري   الإمام علي (عليه السلام) : النفاق يفسد الإيمان .  عنه (عليه السلام): النفاق أخو الشرك. - عنه (عليه السلام): النفاق توأم الكفر ). -  رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن النفاق يبدو لمظة سوداء، فكلما ازداد النفاق عظما ازداد ذلك السواد، فإذا استكمل النفاق اسود القلب . النفاق شين الأخلاق  -  الإمام علي (عليه السلام) : النفاق شين الأخلاق. - عنه (عليه السلام): ما أقبح بالإنسان ظاهرا موافقا، وباطنا منافقا! . - عنه (عليه السلام): ما أقبح بالإنسان أن يكون ذا وجهين! . - عنه (عليه السلام): الخيانة رأس النفاق . علة النفاق    الإمام علي (عليه السلام) : نفاق المرء من ذل يجده في نفسه . - عنه (عليه السلام): النفاق من أثافي الذل . - عنه (عليه السلام):  الكذب  يؤدي إلى النفاق . صفة  المنافق   -  الإمام علي (عليه السلام) :  المنافق  لنفسه مداهن، وعلى الناس طاعن . - عنه (عليه السلام):  المنافق  قوله جميل، وفعله الداء الدخيل . - عنه (عليه السلام):  المنافق  لسانه يسر، وقلبه يضر . - عنه (عليه السلام):  المنافق  وقح غبي، متملق شقي . - عنه (عليه السلام):  المنافق  مكور مضر

دُعاء القدحِ عظيمُ الشأنِ مكتوب

  دُعَاءُ الْقَدَحِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ بِاسْمِهِ الْمُبْتَدَإِ رَبِّ الْآخِرَةِ وَ الْأُولَى لَا غَايَةَ لَهُ وَ لَا مُنْتَهَى رَبِّ الْأَرْضِ وَ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى الرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىٰ. لَهُ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا وَ مٰا تَحْتَ الثَّرىٰ. وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفىٰ اللَّهُ عَظِيمُ الْآلَاءِ دَائِمُ النَّعْمَاءِ قَاهِرُ الْأَعْدَاءِ [رَحِيمٌ بِخَلْقِهِ] عَاطِفٌ بِرِزْقِهِ مَعْرُوفٌ بِلُطْفِهِ عَادِلٌ فِي حُكْمِهِ عَالِمٌ فِي مُلْكِهِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ رَحِيمُ الرُّحَمَاءِ- عَالِمُ الْعُلَمَاءِ صَاحِبُ الْأَنْبِيَاءِ غَفُورُ الْغُفَرَاءِ قَادِرٌ عَلَى مَا يَشَاءُ سُبْحَانَ اللَّهِ الْمَلِكِ الْوَاحِدِ الْحَمِيدِ ذِي الْعَرْشِ الْمَجِيدِ الْفَعَّالِ لِمَا يُرِيدُ رَبِّ الْأَرْبَابِ وَ مُسَبِّبِ الْأَسْبَابِ وَ سَابِقِ الْأَسْبَاقِ وَ رَازِقِ الْأَرْزَاقِ وَ خَالِقِ الْأَخْلَاقِ قَادِرٍ عَلَى مَا يَشَاءُ مُقَدِّرِ الْمَقْدُورِ وَ قَاهِرِ

بحث حول النفاق

النفاق : هو ان يظهر الانسان شيئا حسنا من عمل او فعل او قول بخلاف ما يضمره في باطنه فالمنافق له حالتان حالة ظاهرية توافقية مع الناس وحالة باطنية تغاير ظاهريته ، وقد اشار امير المؤمنين عليه السلام الى هذا المعنى بقوله( ما أقبح بالإنسان ظاهرا موافقا و باطنا منافقا 1 . وهذه الازدواجية في التعامل ناشئة من دواعي كثيرة في نفس المنافق سيأتي الحديث عنها لاحقا ان شاء الله تعالى . والنفاق تارة يكون في العقيدة كأن يظهر المنافق الإيمان بأصول الدين كالتوحيد والمعاد والنبوة ويظهر التزامه بفروع الدين كالصلاة والصوم ولكنه باطنه يخادع الله ورسوله والناس وما يخادع إلا نفسه قال تعالى ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ) 2 وقوله تعالى ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ( 142 ) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا

بحث حول ( اهمية التوبة )

إن التوبة كالماء الذي ينزل من السماء على الارض الميتة فيكسوها الحياة بعد الممات وكذا القلب التائب بعد أن هيّأ ارضية قلبه -من خلال الندم والتوبة والاستغفار - بأن تكون خصبة صالحة للتطهير والتزكية ما ان تنهمر على قلبه سحائب الرحمة ومفاتيح الرأفة فتحي القلب بالحياة بعد الممات والنور بعد الظلمات واليقظة بعد الغفلة والسبات.  فالقرآن الكريم يِعدّ الغارق في مستنقع الذنوب والكنود انه ميت الأحياء وأنه في ظلمات ليس بخارج منها إلا بالأوبة والنزوع عن الحوبة قال تعالى ( أ َوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ . 1 فالتوبة هي رجوع العبد إلى دوحة الرحمة والعفو والغفران مما فرّط في حق ربه من الذنوب والعصيان ، وأن فتح باب التوبة أمام عباده العاصين وقبولها لهي من أعظم النعم والمنح النازلة من فيض رحمته الواسعة على عباده التائبين روي عن الإمام علي (عليه السلام): من تاب تاب الله عليه وأمرت جوارحه أن تستر عليه، وبقاع الأرض أن تكتم عليه، وأنسيت الحفظة ما كانت تكتب عليه 2 . وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) وقد سمعه معاوية بن وهب يقول : إذا تاب الع

بحث حول لقمة الحرام وتاثيرها على قلب المؤمن

لا شك ان هناك علائق وروابط بين الامور المادية والمعنوية بحيث نلاحظ تأثير أحدهما على الآخر فانشراح القلب وانبساطه عامل دفع ومحرك نحو العمل وضيق الصدر وقسوته وظلمته عامل مثّبط للعمل  . وكذلك الكلام في مسالة لقُمة الحرام وتاثيرها الفاعل في تلويث القلب وما لها من الآثار الوضعية على القلب بحيث يعمى القلب عن رؤية الحق واستماع للحق واتباع الحق ومثقلة للعبادات وسالبة للتوفيق   ومن الإشارات إلى هذه النكتة كلام الإمام الحسين عليه السلام مع جيش ابن سعد قبل أن يلتقي المعسكران قال سلام الله عليه ((... وَيْلَكُمْ ما عَلَيْكُمْ اَنْ تَنْصِتُوا اِلَيّ فَتَسْمَعُوا قَوْلي وَاِنَّما اَدْعُوكُم الى سَبيلِ الرَّشادِ فَمَنْ اَطاعَنِي كانَ مِنَ الْمُرْشَدِينَ وَمَنْ عَصانِي كانَ مِنَ الْمُهْلَكِينَ وَكُلُّكُمْ عاصٍ لأمري غَيْرُ مُسْتَمِعٍ لِقَوْلي قَدِ انْخَزَلَتْ عَطِيّاتُكُمْ مِنَ الْحَرامِ وَمُلِئَتْ  بُطُونُكُمْ مِنَ الْحَرام فَطَبعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيْلَكُمْ اَلا تَنْصِتُونَ اَلا تَسْمَعُونَ؟... تَبّاً لَكُمْ اَيَّتها الْجَماعَةُ وَتَرَحاً .  1 ولقد ضرب القرآن الكريم نموذجا عن المرابي الذي