ال تعالى ( إِنَّ الْإِنْسَان لِرَبِّهِ لَكَنُود )
في الآية الكريمة بعض النكات واللطائف المفيدة :
اللطيفة الأولى : أن الآية المباركة تشير الى الحالة السائدة في الانسان وهو الكنود لربه بمعنى الجحود والنكران ، والجحود تارة يصدر من أهل الكفر الذين يكفرون ويجحدون بآيات الله ومعاجزه قال تعالى في شأنهم ( جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوا ) نعم هو الظلم والعلو والاستكبار جعلهم كنودا جحودا بآيات الله تعالى ، وتارة الجحود يصدر من أهل الإسلام كالذين يجحدون بنعم الله وإحسانه كما وصفهم سبحانه بقوله ( فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ(16)
فهذا الإنسان الجاحد يقرّ بربوبية ربه ولكنه يوصف الساحة القدسية أنها قد أهانته حينما ضيّقت عليه في رزقه لحكمة الاختبار او رأفة به لكي لا يطغى وينحرف .
اللطيفة الثانية : أن الجحود ليس شاملا لجميع افراد الانسان فليس كل إنسان هو جاحد ؟ وان كانت الاية ذكرت الانسان ولم تُقيّد وتُخرج بعض الافراد ، لان الشمولية في الجحود اذا حملناها على مطلق الانسان سوف تصطدم مع الايات الاخرى التي مدحت الكثير من الانبياء بالشكر والاعتراف والانابة كقوله تعالى في نبي الله نوح (عليه السلام ) ( ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3)
وقوله تعالى في نبي الله إبراهيم ( عليه السلام ) ( شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ ۚ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (121) وقد ترجمها نبي الله إبراهيم بقوله ( الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) ..الخ
اللطيفة الثالثة : أن ذكر ( الرب ) في الآية لإلفات نظر الإنسان الجاحد بأن الله تعالى هو ربكم ومدبركم ومفيض عليكم بنعمه ظاهرها وباطنها والذي بيده جميع شؤون التدبير ، ويسددكم في حال طاعته الى كل خير فكيف تجحدون به ؟؟!!!
اللطيفة الرابعة : أن وصف الإنسان بالكنود فهذا لا يعني أنه قد اُجبر على كفره وجحوده فهذا الاعتقاد ينافي مسألة حكمة الاختبار والاختيار قال تعالى ( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) .
تعليقات