· ان الامامة جعلٌ إلهي
وحسب عقيدة الامامية ان التنصيص في امامة أي فرد من اهل البيت )عليهم السلام( ينحصر في اختياره بأمر من السماء، ولا دخل لأهل البيت فيه ، فضلا عن غيرهم من الامة، انما دورهم التبليغ والاعلام بالإمام الذي يليه من بعده، لان الامامة جعل الهي بنص القران الكريم قال تعالى )وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ( ) [1]وقال تعالى ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ(2 ) وقال عز وجل ) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً (قال عز وجل ) يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ( 3)
وعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَشْعَثِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ع يَقُولُ ونَحْنُ عِنْدَهُ فِي الْبَيْتِ نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ رَجُلًا فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا وَقَالَ لَعَلَّكُمْ تَرَوْنَ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي الْإِمَامَةِ إِلَى الرَّجُلِ مِنَّا يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَعَهْدٌ مِنَ اللَّهِ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص إِلَى رِجَالٍ مُسَمَّيْنَ رَجُلٍ فَرَجُلٍ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى صَاحِبِهَا. ) [4]
وعَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ- إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إلى أهلها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ ، قَالَ هِيَ الْوَصِيَّةُ يَدْفَعُهَا الرَّجُلُ مِنَّا إِلَى الرَّجُلِ. )(5)
وفي حادثة نزول الآية الإنذار في قوله تعالى ) وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (6) ( فيها دلالة واضحة على التنصيص حينما قال رسول الله )صلى الله عليه واله ( ….)يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تبارك وتعالى أن أدعوكم، فأيكم يؤازرني على أمري على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟
فأحجم القوم عنها جميعا، قال: قلت - وإني لأحدثهم سنا وأرمضهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا - قلت: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي ثم قال: هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لعلي وتطي) [7] ( . وحادثة الغدير الشهيرة خير دليل على المدعى.
فالرسول هو مبلغ عن السماء، ومعصوم في التبليغ، فلا ينطق عن الهوى ، ومنزه عن العصبية.
فالأمة مهما كانت حريصة في اختيار خليفتها وامامها بعد نبيها فهي عرضة للأخطاء الكثيرة، لان رؤيتها محدودة وظاهرية، وعرضة للأهواء والعصبية والتحزبات المختلفة، وبالتالي سينعكس ويسري أي خطا في دور وعمل الخليفة المرشح والمبايع من قبل الامة على حياة الناس، وعلى عمل الحكومة وسياستها الداخلية والخارجية، وعلى الأجيال اللاحقة.
وكم وقعَ الخلفاءُ الذين حكموا البلاد والعباد بأخطاء كثيرة، وفي مجالات شتى حينما حكموا الامة بالشورى، وباعترافهم بجهلهم لأدنى المسائل فضلا عن غيرها من المعضلات، فلا نفتري على احد منه ، لولا تصدي امير المؤمنين )عليه السلام ( لتلك المسائل والاجابة عليها ، فالخطأ بالحكم مهما قل او كثر هو ظلم صريح بحق المظلوم، وله انعكاسات خطيرة على الدين والمتجمع الإسلامي.
وحينما جعل الله تعالى نبيه داوود ) عليه السلام( خليفة في الأرض بيّن الحكمة من الجعل، هو لكي يحكم بالعدل بين الناس ، ومجانبة الهوى قال عز وجل ) يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّه (.) [8]
1- سورة البقرة اية 124
2- سورة السجدة اية 24
3- سورة البقرة اية 30
4- الغيبة النعماني ج 1 ص51
5- نفس المصدر
6- سورة الشعراء اية 214
7- بحار الانوار ج 38 ص 224
8- سورة ص اية 26
تعليقات