· ان الأرض لا تخلو من امام
ان الدين الإسلامي يبتني على كثير من النظريات الإلهية السماوية الحقة التي لابد من الايمان والاعتقاد بها، كالإيمان بالله وبرسوله الاكرم واليوم الاخر وغيرهن من المعتقدات الحقة، ومن تلك المعتقدات ان نبينا )صلى الله عليه واله ( هو خاتم النبيين كما ورد في القران الكريم قال تعالى )مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا. )[1]
وبما ان نبينا هو اخر نبي يُبعث الى اخر امة التي خُرجت للناس، وبوفاته ينقطع عنها وحي السماء، فلابد لنبيها من امام وخليفة يكون من بعده حتى ترجع الامة اليه في قضاياها المختلفة، ويصون الدين وأهله، ويذب عن حرماته، ويواجه التحديات والمؤامرات التي تحاك على الإسلام من المتربصين والحاقدين والمنافقين.
وفي نفس الوقت ان الامة لابد لها من امام في كل زمان ، حتى لا تخلو الأرض منه ، ومن هنا جاءت احاديث كثيرة عن الخاتم )صلى الله عليه واله( بان الخلفاء من بعده اثنا عشر خليفة وفي رواية امير ونقيب كلهم من قريش، كما ورد في صحيح البخاري قال : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا فَقَالَ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا فَقَالَ أَبِي إِنَّهُ قَالَ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ( . ) [2]
ولذا تعتقد الامامية بان اهل البيت) عليهم السلام ( هم الخلفاء والامراء والنقباء بعد رسول الله ) صلى الله عليه واله ( وان الامامة جارية فيهم الى يوم القيامة، وان الاصطفاء للإمامة هو جعل من الله تعالى دون سواه من خلقه، لان الله اعلم من الناس من أنفسهم قال عز وجل ) ٱللَّهُ أَعلَمُ حَیثُ یَجعَلُ رِسَالَتَهُ (3 ) وقال سبحانه )وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (4)
وقال تعالى ) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (5)
إذاً فالعقل يحكم بضرورة وجود الامام في كل عصر، ومنصوص عليه من قبل الله حتى ترجع الامة اليه، ويرفض خلو الأرض من خليفة وامام.
وقد وردت روايات عديدة عن اهل البيت ) عليهم السلام ( تؤكد على ضرورة وجود امام معصوم في كل زمان وان الأرض لا تخلو من حجة ،وقد افرد الشيخ الاجل ثقة الاسلام الشيخ الكليني في كتابه الكافي الشريف بابا أسماه ) أن الارض لا تخلو من حجة( وذكر فيه عدة روايات عن أئمة الهداة نذكر جملة منها:
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ قَالَ قُلْتُ لابِي عَبْدِ الله (عَلَيْهِ السَّلام) تَكُونُ الارْضُ لَيْسَ فِيهَا إِمَامٌ قَالَ لا قُلْتُ يَكُونُ إِمَامَانِ قَالَ لا إِلا وَأَحَدُهُمَا صَامِتٌ.) [6]
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ وَسَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عَلَيْهِ السَّلام) قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ الارْضَ لا تَخْلُو إِلا وَفِيهَا إِمَامٌ كَيْمَا إِنْ زَادَ الْمُؤْمِنُونَ شَيْئاً رَدَّهُمْ وَإِنْ نَقَصُوا شَيْئاً أَتَمَّهُ لَهُمْ.)(7).
· أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عَلَيْهِ السَّلام) قَالَ قُلْتُ لَهُ تَبْقَى الارْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ قَالَ لا.) [8]
· عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهما السَّلام) قَالَ قَالَ إِنَّ الله لَمْ يَدَعِ الارْضَ بِغَيْرِ عَالِمٍ وَلَوْ لا ذَلِكَ لَمْ يُعْرَفِ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ.)(9)
· مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عَلَيْهِ السَّلام) قَالَ إِنَّ الله أَجَلُّ وَأَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَتْرُكَ الارْضَ بِغَيْرِ إِمَامٍ عَادِلٍ )(10)
· عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَهِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَمَّنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ أَصْحَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلام) أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلام) قَالَ اللهمَّ إِنَّكَ لا تُخْلِي أَرْضَكَ مِنْ حُجَّةٍ لَكَ عَلَى خَلْقِكَ.)(11)
· عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ ابي جعفر (عَلَيْهِ السَّلام) قَالَ قَالَ وَالله مَا تَرَكَ الله أَرْضاً مُنْذُ قَبَضَ آدَمَ (عَلَيْهِ السَّلام) إِلا وَفِيهَا إِمَامٌ يُهْتَدَى بِهِ إِلَى الله وَهُوَ حُجَّتُهُ عَلَى عِبَادِهِ وَلا تَبْقَى الارْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ حُجَّةٍ لله عَلَى عِبَادِهِ.) [12)
· الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلام) إِنَّ الارْضَ لا تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ وَأَنَا وَالله ذَلِكَ الْحُجَّةُ.ـ )(13)
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ قُلْتُ لابِي عَبْدِ الله (عَلَيْهِ السَّلام) أَ تَبْقَى الارْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ قَالَ لَوْ بَقِيَتِ الارْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ لَسَاخَت) 14)
· أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ جَمِيعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع خَبَرٌ تَدْرِيهِ خَيْرٌ مِنْ عَشْرٍ تَرْوِيهِ إِنَّ لِكُلِّ حَقٍّ حَقِيقَةً وَ لِكُلِّ صَوَابٍ نُوراً ثُمَّ قَالَ إِنَّا وَ اللَّهِ لَا نَعُدُّ الرَّجُلَ مِنْ شِيعَتِنَا فَقِيهاً حَتَّى يُلْحَنَ لَهُ[1] فَيَعْرِفَ اللَّحْنَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَناً مُظْلِمَةً عَمْيَاءَ مُنْكَسِفَةً لَا يَنْجُو مِنْهَا إِلَّا النُّوَمَةُ قِيلَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَا النُّوَمَةُ قَالَ الَّذِي يَعْرِفُ النَّاسَ وَ لَا يَعْرِفُونَهُ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَكِنَّ اللَّهَ سَيُعْمِي خَلْقَهُ عَنْهَا بِظُلْمِهِمْ وَ جَوْرِهِمْ وَإِسْرَافِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ خَلَتِ الْأَرْضُ سَاعَةً وَاحِدَةً مِنْ حُجَّةٍ لِلَّهِ لَسَاخَتْ بِأَهْلِهَا وَ لَكِنَّ الْحُجَّةَ يَعْرِفُ النَّاسَ وَلَا يَعْرِفُونَهُ- كَمَا كَانَ يُوسُفُ يَعْرِفُ النَّاسَ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ثُمَّ تَلَا يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ) [15)
وقد افحم هشام بن الحكم وهو من ابرز تلامذة الامام الصادق عليه السلام عمرو بن عبيد وكان من المتكلمين في مسجد البصرة حينما اثبت هشام ضرورة وجود الامام في الامة بالعقل قبل اثباتها بالنقل، ففي الكافي عن يونس بن يعقوب: كانَ عِندَ أبي عَبدِ اللّهِ عليه السلام جَماعَةٌ مِن أصحابِهِ، مِنهُم حُمرانُ بنُ أعيَنَ ، ومُحَمَّدُ بنُ النُّعمانِ ، وهِشامُ بنُ سالِمٍ، وَالطَّيّارُ ، وجَماعَةٌ فيهِم هِشامُ بنُ الحَكَمِ وهُوَ شابٌّ . فَقالَ أبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام: يا هِشامُ، ألا تُخبِرُني كَيفَ صَنَعتَ بِعَمرِو بنِ عُبَيدٍ، وكَيفَ سأَلتَهُ ؟ فَقالَ هِشامٌ: يَا بنَ رَسولِ اللّهِ، إنّي اُجِلُّكَ وأستَحييكَ ولا يَعمَلُ لِساني بَينَ يَدَيكَ . فَقالَ أبو عَبدِ اللّهِ: إذا أمَرتُكُم بِشَيءٍ فَافعَلوا. قالَ هِشامٌ : بَلغَني ما كانَ فيهِ عَمرُو بنُ عُبَيدٍ وجُلوسُهُ في مَسجِدِ البَصرَةِ ، فَعَظُم ذلِكَ عَلَيَّ فَخَرَجتُ إلَيهِ ، ودَخَلتُ البَصرَةَ يَومَ الجُمُعَةِ ، فَأَتَيتُ مَسجِدَ البَصرَةِ ، فَإِذا أنَا بِحَلقَةٍ كَبيرَةٍ فيها عَمرُو بنُ عُبَيدٍ ، وعَلَيهِ شَملَةٌ سَوداءُ مُتَّزِرٌ بِها مِن صوفٍ ، وشَملَةٌ مُرتَدٍ بِها ، وَالنَّاسُ يَسأَلونَهُ ، فَاستَفرَجتُ النّاسَ فَأَفرَجوا لي ، ثُمَّ قَعَدتُ في آخِرِ القَومِ عَلى رُكبَتَيَّ ، ثُمَّ قُلتُ : أيُّهَا العالِمُ ، إنّي رَجُلٌ غَريبٌ تَأذَنُ لي في مَسأَلَةٍ ؟ فَقال لي: نَعَم، فَقُلتُ لَهُ : ألَكَ عَينٌ ؟ فَقالَ: يا بُنَيَّ أيُّ شَيءٍ هذا مِنَ السُّؤالِ؟ وشَيءٌ تَراهُ كَيفَ تَسأَلُ عَنهُ؟ فَقُلتُ: هكَذا مَسأَلَتي، فَقالَ : يا بُنَيَّ سَل وإن كانَت مَسأَلَتُكَ حَمقاءَ ، قُلتُ : أجِبني فيها ، قالَ لي : سَل . قُلتُ: ألَكَ عَينٌ ؟ قالَ : نَعَم ، قُلتُ : فَما تَصنَعُ بِها ؟ قالَ: أرى بِهَا الأَلوانَ وَالأَشخاصَ ، قُلتُ : فَلَكَ أنفٌ ؟ قالَ : نَعَم ، قُلتُ : فَما تَصنَعُ بِهِ ؟ قالَ: أشُمُّ بِهِ الرَّائِحَةَ ، قُلتُ : ألَكَ فَمٌ ؟ قالَ: نَعَم ، قُلتُ : فَما تَصنَعُ بِهِ ؟ قالَ: أذوقُ بِهِ الطَّعمَ ، قُلتُ : فَلَكَ اُذُنٌ ؟ قالَ: نَعَم ، قُلتُ : فَما تَصنَعُ بِها ؟ قالَ: أسمَعُ بِها الصَّوتَ، قُلتُ : ألَكَ قَلبٌ ؟ قالَ: نَعَم، قُلتُ : فَما تَصنَعُ بِهِ ؟ قالَ : اُمَيِّزُ بِهِ كُلَّما وَرَدَ عَلى هذهِ الجَوارحِ وَالحَواسِّ ، قُلتُ : أوَلَيسَ في هذِهِ الجَوارِحِ غِنىً عَنِ القَلبِ ؟ فَقالَ: لا، قُلتُ : وكَيفَ ذلِكَ وهِيَ صَحيحَةٌ سَليمَةٌ ؟ قالَ : يا بُنَيَّ إنَّ الجَوارِحَ إذا شَكَّت في شَيءٍ شَمَّتهُ أو رَأَتهُ أو ذاقَتهُ أو سَمِعَتهُ ، رَدَّتهُ إلَى القَلبِ ؛ فَيَستَيقِنُ اليَقينَ ويُبطِلُ الشَّكَّ . قالَ هِشامٌ: فَقُلتُ لَهُ : فَإِنَّما أقامَ اللّهُ القَلبَ لِشَكِّ الجَوارِحِ ؟ قالَ : نَعَم ، قُلتُ : لابُدّ مِنَ القَلبِ وإلّا لَم تَستَيقِنِ الجَوارِحُ ؟ قالَ: نَعَم ، فَقُلتُ لَهُ : يا أَبا مَروانَ ، فَاللّهُ تَبارَكَ وتَعالى لَم يَترُك جَوارِحَكَ حَتّى جَعَلَ لَها إماما يُصَحِّحُ لَها الصَّحيحَ ويَتَيَقَّنُ بِهِ ما شَكَّ فيهِ ، ويَترُكُ هذَا الخَلقَ كُلَّهُم في حَيرَتِهِم وشَكِّهِم وَاختِلافِهِم ، لا يُقيمُ لَهُم إماما يَرُدّونَ إلَيهِ شَكَّهُم وحَيرَتَهُم ، ويُقيمُ لَكَ إماما لِجَوارِحِكَ تَرُدُّ إلَيهِ حَيرَتَكَ وَشَكَّكَ ؟! قالَ : فَسَكَتَ ولَم يَقُل لي شَيئا . ثُمَّ التَفَتَ إلَيَّ فَقالَ لي : أنتَ هِشامُ بنُ الحَكَمِ ؟ فَقُلتُ : لا ، قالَ : أمِن جُلَسائِهِ ؟ قُلتُ : لا ، قالَ : فَمِن أينَ أنتَ ؟ قالَ : قُلتُ : مِن أهلِ الكوفَةِ . قال : فَأَنتَ
إذا هُوَ ، ثُمَّ ضَمَّني إلَيهِ ، وأَقعَدَني في مَجلِسِهِ وزالَ عَن مَجلِسِهِ وما نَطَق حَتّى قُمتُ . قالَ : فَضَحِكَ أبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام وقالَ : يا هِشامُ ، مَن عَلَّمَكَ هذا ؟ قُلتُ : شَيءٌ أخَذتُهُ مِنكَ وَألَّفتُهُ. فَقالَ: هذا وَاللّهِ مَكتوبٌ في صُحُفِ إبراهيمَ وموسى عليهم االسلام.) [16)
وفي كمال الدين للشيخ الصدوق عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لو لم يكن في الأرض إلا اثنان لكان أحدهما الحجة ولو ذهب أحدهما بقي الحجة.) [17)
حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا عبد الله بن - جعفر الحميري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن يزيد الكناسي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ليس تبقى الأرض يا أبا خالد يوما واحدا بغير حجة لله على الناس، ولم تبق منذ خلق الله عز وجل آدم عليه السلام وأسكنه الأرض )(18).
1- سورة الأحزاب اية 40
2- صحيح البخاري رقم الحديث 6796
3- سورة الانعام اية 124
4- سورة البقرة اية 124
5- سورة البقرة اية 247
6- كتاب الكافي ج 1 ص 167
7- نفس المصدر السابق
8- نفس المصدر
9- نفس المصدر
10- نفس المصدر
11- نفس المصدر
12- نفس المصدر السابق
13- نفس المصدر
14- نفس المصدر
15- الغيبة للنعماني ج 1 ص 141
16- الكافي ج 1 ص 170
17- كمال الدين وتمام النعمة ج 1 ص 261
18- نفس المصدر
تعليقات