التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ

وَجَاءَهُ قَوْمُهُۥ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّـاتِ قَالَ يَقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ

 


قال تعالى (وَجَاءَهُ قَوْمُهُۥ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّـاتِ قَالَ يَقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ) .(1)[1]

أليس منكم رجلٌ رشيد؟

الآية المباركة تناولت جانبا من قصة نبي الله لوط (عليه السلام) مع قومه، الذي كان يعيش بين ظهرانيهم، وكان قومه يمارسون أرذل فاحشة لم يسبق ان مارسها أحد قبلهم من العالمين كما ذكرّهم نبيهم بذلك لعلهم يتعظون (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ) (2).[2]

وفي الآية المباركة عدة ملاحظات مهمة:

الأولى: ان الآية المباركة عبرت عن قوم لوط مباشرة من دون توطئة وتمهيد (وَجَاءَهُ قَوْمُهُ) اشارة الى العجلة من امرهم دون تأخير وتأني بسبب سكرة الشهوة، واستبشار بارتكاب الفاحشة (وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ))3

الثانية: وأن عبارة (قوم) تشير ظاهرا بان جمعا كبيرا قد جاء الى نبي الله لوط (عليه السلام) لارتكاب الفاحشة، فالقوم هم جماعة من الناس ويدل عليه لفظة ) اهل (في قوله تعالى (وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ).

ولذا عمهم الله بالعذاب قال تعالى حاكيا عنهم (قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ (33) مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34) فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ). (4) الثالثة: بعدما علم قوم لوط أن ضيوفا قد حلوا على نبي الله لوط (عليه السلام) وهم رسل الله أتوا إليه ولكن بطريقة ملفتة وعجيبة وهي الهرع والهرع هو المشي السريع مع اضطراب وذلك بسبب ولعهم بارتكاب الفاحشة، وخوفهم من فوتها.

نعم هي سكرة الشهوة، وإدمان الفاحشة تجعل الفرد مضطربا في سلوكه وأخلاقه ويسير عكس فطرته السليمة، لأنه قد اعمى بصيرته، وعبد شهوته، وتخلى عن انسانيته حتى فاق بذلك الانعام بل اضل سبيلا، بغية نيل هواه وإشباع غريزته، غير مبال بالعواقب الخطيرة التي تحدق به من كل جانب وتهدد كيانه ومجتمعه، ودنياه وآخرته.

الرابعة: وعلة مجيء القوم الى نبي الله لوط (عليه السلام) لم تكن خافية عليه وان قومه ايضا يعلمون ان لوطا يعلم بنواياهم السيئة قال تعالى (وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ).

بل قد ضاق بهم ذرعا وخوفا قبل مجيئهم اليه وذلك حينما حلّ الضيوف عليه لأنه يعلم شدة ما نزل به من الاحراج والبلاء، وان قومه سيهرعون اليه حال علمهم بخبرهم ​​(وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ). (5)

فالكريم لا يضيق ذرعا بمجيء الضيف إليه بل يزداد سرورا وكرامة به، لكنه يضيق ذرعا وخوفا ويعده يوما عصيبا عليه إذا ما علم أن هناك شدة ستحل بضيفه وهو ضعيف لا يستطيع دفعها.

الخامسة: ان قوم لوط لا يجدون في أنفسهم أي حرج بمجيئهم إليه بهذه الكيفية التي عبر عنها القرآن بالهرع، طالبين ضيوفه، وتخليه عنهم، لأنهم كانوا متوغلين بالفاحشة بحيث أصبحت الفاحشة جزء من ثقافتهم، وعادة مستشرية في مجتمعهم بحيث لا يتحرجون من فعلها والبوح بها (وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّـاتِ).

والسيئات جمع سيئة عكس الحسنة، والسيئة هي الفعل القبيح الذي يقبح اتيانه، ويكره عمله، وتسيء وتعم آثاره السيئة، وتبعاته الخطيرة على فاعله ومجتمعه، ولكن قوم لوط بسبب اعتيادهم على ارتكاب الفاحشة لم يكن يرون بها بأسا واحراجا.

السادسة: ان السيئة لا تطلق على المعاصي الصغيرة بل تعم الكبيرة أيضا كما في الآية التي نحن فيها خلافا لقول بعض اللغويين الذين اعتبروا السيئة هي المعصية الصغيرة والصحيح انها شاملة لجميع المعاصي، سواء كانت المعصية صغيرة او كبيرة ومخالفة للقوانين الإلهية، والفطرة السليمة قال تعالى (وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ). [6]

السابعة: أراد نبي الله لوط (عليه السلام) ان يدفع الاذى والسوء عن ضيوفه بأية وسيلة، لكنه لما يأس منهم وعلم أن قومه مصرون على فعل الفاحشة ، وان النصيحة والموعظة لا تجدي نفعا فيهم( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) )7( فعندك ذلك اشارة اليهم ببناته فقال (قَالَ يَقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ) .

أراد بذلك أن يذكرهم بفطرتهم التي غطوها بمعاصيهم وأنهم وقعوا تحت وطأة تلبيس إبليس اللعين، واللهث وراء نزواتهم الحيوانية التي أخرجتهم عن انسانيتهم وطهارتهم وفطرتهم حتى وقعوا في مستنقع الارجاس.

الثامنة: ولا شك أن نبي الله (عليه السلام) أراد بقوله (هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) نكاحا شرعيا وليس سفاحا محرما فليس من اللائق والمنطق ان يدفع قومه عن ضيفه بتعريض في انتهاك عرضه، فالخزي الذي يقع على الشخص في عرضه ليس بأقل وقعا في وقوعه على الضيف الغريب وإن عُدّ خزياً.

ومن المعلوم ان السفاح لدى المجتمعات حاضرها وغابرها يعد عملا مشينا ومخالفا للطهارة والفطرة حتى مع ممارسته سرا وعلناً وبالتالي فإن لوطا (عليه السلام) لم يكن غافلا عن تلك الثقافة المرتكزة في أذهانهم، فكيف يصح منه ان يقول لهم (هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) مع علمه المسبق بان الزنى لا يعد من الطهارة بشيء.

 ولأحتج قومه عليه ولاتخذوا اقتراحه ذريعة لأبطال نبوته لكنهم سكتوا عن ذلك لعلمهم أنه كان يقصد النكاح وليس السفاح.

وما قيل إنه كيف يقوم نبي الله لوط (عليه السلام) بتعريض بناته للنكاح وهو يعلم بكفر قومه؟ وهذا لا يكون إلا أن يقع سفاحا؟

ويردّ على هذا القول بأن الامم في شرائعها وأحكامها لم تكن على منهاج واحد فقد يكون الشيء محللا في شريعة ما ومحرما في شريعة أخرى وهذا الاختلاف نتيجة الظروف والموضوعات التي تعيشها الشعوب والمجتمعات قال تعالى(لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ).[8][6] وهناك اقوال اخرى في الجواب على هذا التساؤل منها ان لوطا) عليه السلام( اراد بقوله ) بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ( بعد ايمان قومه ، ومنها انه قصد بنات قومه لأنهن بمثابة بناته لأنه نبيهم وغير ذلك.  

التاسعة: ولما ازداد اصرار قومه على ارتكاب الفاحشة وانهم (لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً) (9) اخذ لوط (عليه السلام) يذكّرهم الله، ويخوفهم عذابه فقال لهم ( فاتَّقُواْ ألله )  ولكن ( اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي ) قال تعالى ( وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ ) (10)

العاشرة: أن حرمة وكرامة الضيف هي من حرمة المضيف وان الذب عنه وحفظه من مستلزمات وأخلاقيات الضيافة وأن أي تجاوز عليه يعد اهانة وخلة وتجاوزا بحق المضيف ولذا عبر لوط (عليه السلام) بقوله (وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) والخزي هي المهانة والذل والعار الذي يصيب المرء جراء فعل قبيح سواء صدر منه او لحق به من غيره قال تعالى ( قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ ).(11)

ومن الأدعية القرآنية المحببة، ان يدعو المؤمن بنجاته من خزي يوم القيامة قال تعالى (رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) (12).

فالخزي أمر مكروه بالطبع والجبلة لأنه يكون مشاعا بين العامة والخاصة بأمر قبيح ويؤدي الى الفضيحة والمهانة، وخاصة إذا ما وقع من شخص وجيه وله مكانة شريفة في المجتمع أو لحق به بسبب العلقة النسبية أو أخلاقية او اجتماعية كالضيف.

ولذا كان نبي الله لوط (عليه السلام) يقدر مكانة وحرمة الضيف ووجوب صيانة كرامته وأن الاعتداء عليه وخاصة بارتكاب تلك الفاحشة المشينة سوف تجلب له الخزي والفضيحة.

وقد اضاف مفردة الضيف اليه بقوله (في ضيفي) اشعارا لقومه بانهم هؤلاء الضيوف هم في ضيافتي وحمايتي وفي قِراي وإن شرفهم شرفي فلا تخزوني فيهم. قال تعالى حاكيا عنه في سور الحجر (قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ).)13

الحادية عشرة: ثم استفهم عقولهم استفهاما استنكاريا لعلها تعي وتدرك مغبة عملهم، وعاقبة فعلهم فقال (أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ) لعل فيهم رجلا رشيدا ينهاهم عن غيهم، ويمنعهم عن فعلهم.

الثانية عشرة: الرشيد يقابل السفيه، ومصطلح الرشيد يطلق تارة في المسائل الفقهية وأخرى في المسائل الاخلاقية والاجتماعية.

اما الاول ما يطلق مصطلح الرشيد ويراد به من يحسن التصرف في أمواله مقابل السفيه الفقهي لا يحسن التصرف في امواله كقوله تعالى (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ) الى قالت الآية (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) (14) وقوله تعالى (فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ). (15).

اما الرشيد في المعنى الاخر هو العاقل الذي يصيب الحق بل وتباعه فلا يكفي معرفة الحق دون الامتثال والانصياع له، لذا ورد الذم القرآني لمن يرغب عن الحق وأُعدّ سفيها لخفة عقله بتركه للحق قال تعالى (وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا من سَفِهَ نَفْسَهُ) (16). وقال سبحانه حاكيا عن قول الجن (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ۖ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا). (17).

فمادام يهدي الى الحق فهو من الرشد ومن يتبعه فهو راشد بلا ريب، ومن يزيغ عنه فهو من السَفه ومن يتبعه فهو سفيه قال تعالى (وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا). [18]

وقال تعالى في شأن فرعون لما اعرض عن الحق واتبع هواه ( فَٱتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) .(19).

 وفي الآية عدة بحوث

البحث الأول:

أوصاف قوم لوط في القرآن الكريم

ان الآية الكريمة وان لم تذكر طبيعة تلك السيئات التي كانوا يعملونها قوم لوط ولكن مع مراجعة الآيات في السور القرآنية التي تناولت قصة لوط يتضح ان المراد من السيئات هي اتيانهم الذكران قال تعالى (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ((20) والذكران جمع ذكر وقوله تعالى (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ))21

وقد وصف القرآن الكريم قوم لوط بصفات كثيرة ونعوت مختلفة تعبر عن حقيقة بواطنهم الذميمة، وأعمالهم المشينة:

قوم عادون: قال تعالى )وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ) [22] فإتيان الذكران يُعد تجاوزا وتعديا على النظام الكوني والفطرة الانسانية.

هم قوم مسرفون: قال تعالى (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ))23

والمسرف هو الذي تجاوز الحدود، وارتكب المحظور الذي لا ينبغي تجاوزه سواء كان شرعيا او أخلاقيا او كونيا.

قوم مجرمون: قال سبحانه (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ))24

والمجرم هو الذي اتى بفعل قبيح، ووزر كبير قال عز وجل (إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى ))25

قوم ظالمون: قال عز وجل (مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ))26

قوم يمترون: قال سبحانه (قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ )27(والامتراء من الريبة وهو الشك مع التهمة قال تعالى عنهم (وَلَقَدْ أَنذَرَهُم بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ) )28((فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكَ تَتَمَارَى) 29

قوم يجهلون: قال تعالى (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) )30

قوم يعمهون: قال سبحانه (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) )31

يقال عمه شخص في أمره أي تردد وتحير، فقوم لوط بسبب سكرة الشهوة حيارى في دنياهم لا يهتدون سبيلا.

قوم يفسقون: قال تعالى (إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ))32

وقوله تعالى (وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ))33

قوم يفسدون: قال سبحانه (قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ) 34

البحث الثاني:

· الشذوذ الجنسي وأثره التكويني في قطع النسل البشري

ومن خلال هذه الأوصاف المشينة التي وردت في القرآن الكريم بحق قوم لوط والتي تعبر عن حقائقهم، وتكشف عن جرائمهم، يتضح لكل عاقل بشاعة أعمالهم التي انسلخت عن الانسانية حتى فاقت البهيمية.

لذا كان العقاب الالهي الذي نزل بحقهم عظيما وشديدا يتناسب مع عظيم الفاحشة وقبيح السيئة قال تعالى (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ) .)35

ثم إن هذا السلوك المنحرف له تبعات كبيرة ومخاطر كثيرة على النظام الكوني فضلا عن اثاره السلبية على المجتمع والاخلاق.

فان اتيان الرجال شهوة من دون النساء هو قطع للنسل البشري وانعدام للحياة الانسانية قال تعالى (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ) )36

ومع ان الله تعالى قد جعل عذابه الالهي اية وأثراً للناس لعلهم يخافون انتقامه قال تعالى (وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الأَلِيمَ) 37

وقال عز وجل (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) )38( لكن لا يزال هذا السلوك المنحرف والشذوذ الجنسي يأخذ في الاتساع في العالم حتى وصلت الوقاحة والجرأة ان يطلق عليه بالزواج المثلي ويعترف به في كثير من البلدان، ويدافع عنه في منظمة حقوق الانسان، ويوضع له علم ترفع رايته في المحافل والأماكن العامة، وتفتخر الدول بتشريعه في القانون، وأصبح أمرا طبيعيا لا غبار فيه.[14]

قد أغمضوا هؤلاء عن كل النتائج السلبية التي تدمر النظام الكوني والاجتماعي والأخلاقي والصحي من اجل اشباع شهواتهم الحيوانية كأنهم مجانين لا يعقلون شيئا بحجة الحرية الشخصية.

عن الإمام الرضا (عليه السلام): علة تحريم الذكران للذكران والإناث للإناث، لما ركب في الإناث وما طبع عليه الذكران، ولما في إتيان الذكران الذكران والإناث الإناث من انقطاع النسل، وفساد التدبير، وخراب الدنيا (39).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) - لما سأله الزنديق عن علة تحريم اللواط -: من أجل أنه لو كان إتيان الغلام حلالا لاستغنى الرجال عن النساء، وكان فيه قطع النسل، وتعطيل الفروج، وكان في إجازة ذلك فساد كثير. )40

وعن الإمام علي (عليه السلام): فرض الله الإيمان تطهيرا من الشرك... وترك اللواط تكثيرا للنسل (41).

البحث الثالث:

· الشذوذ الجنسي وأثره الصحي

وان هذا السلوك المنحرف له اثار كثيرة على صحة الانسان، ففي مقال نُشر فيه عن احصائيات في منظمة الصحة العالمية جاء فيه ) ان الشذوذ الجنسي يعتبر ابرز اسباب تفشي الأمراض المنقولة جنسيا وان 63% من المصابين بالإيدز 20% كانوا من الشواذ جنسيا، إضافة إلى مساهمة الشذوذ الجنسي في اعادة رفع قيم الإصابة ببعض الأمراض التي تمت محاصرتها سابقاً كالسيلان والهيربيس وغيرها من الامراض، مع ما يرافق صفة الشذوذ من ممارسات قاتلة كالإدمان على المخدرات والانتحار وغيرها.[15]

وفي تقرير أممي لها "تزايد انتشار الإيدز مجدداً بين الرجال الذين يمارسون الجنس مع غيرهم من الرجال، خاصةً في البلدان الصناعية"، كما أشارت صدور بيانات تشير إلى وجود أوبئة جديدة، أو أوبئة تم اكتشافها حديثاً، بين تلك الفئة في أفريقيا، وآسيا، ومنطقة البحر الكاريبي، وأمريكا اللاتينية.

وأصدرت المنظمة مؤخراً، بالتعاون مع هيئات شريكة لها، عدداً من التوصيات الصحية تركز تحديداً على فئتي الرجال المثليين والمخنثين والمسترجلات، لعلاج أمراض هؤلاء الفئة من الناس، المتصلة بفيروس الإيدز والعدوى المنقولة جنسياً.

وفي موقع منظمة الصحة العالمية جاء فيه ) تشير التقديرات إلى وجود 374 مليون إصابة سنوية جديدة بواحد من الأنواع الأربعة التالية للعدوى المنقولة جنسياً، المتدثّرة والسيلان والزهري وداء المُشعَّرات.

تشير التقديرات إلى أن أكثر من 500 مليون شخص ممن تراوح أعمارهم بين 15 و49 عاماً مصابون بعدوى تناسلية بفيروس الحلأ البسيط ( .

وفي عام 2018، ارتبطت عدوى فيروس الورم الحليمي البشري بحدوث 000 570 حالة سرطان في عنق الرحم، وأكثر من 000 311 حالة وفاة جراء الإصابة بسرطان عنق الرحم كل عام.

وتشير التقديرات بأن هناك ما يقارب 1 مليون امرأة حامل مصابة بالزهري.

تؤثر العدوى المنقولة جنسياً تأثيراً مباشراً على الصحة الجنسية والإنجابية من خلال الوصم والعقم وأنواع السرطان ومضاعفات الحمل، ويمكن أن تزيد من خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية.

البحث الرابع:

· الرشد في المنظور الإسلامي

تختلف الرؤية الإسلامية عن الرؤية الإنسانية الوضعية في كثير من القضايا وخاصة عند الذين لا يدينون بدين الإسلام، فما يراه الإسلام قبيحا ومنكرا، يراه الاخر جميلا وحسنا.

وهذا الاختلاف بطبيعة الحال راجع الى البعد الإلهي والبعد الإنساني فما يراه الاله ليس كما يراه منكر الإله، والمستخف بتعاليم السماء.

فالقوانين الإلهية نابعة من مصالح كثيرة تصب في مصلحة الانسان وفي شتى مجالاتها وابعادها، بينما القوانين الوضعية والأفكار الإنسانية تحكمها اهواء نفسية ومصالح شخصية ونظرة ضيقة ومحدودة فنظرة الإنساني المادي تتقوقع في الجوانب المادية والشهوية وظاهرية.

وهذا الاختلاف سيعكس بظلاله على فهم وتفسير القضايا الإنسانية والاجتماعية والأخلاقية.[16]

فالإسلام مثلا يطلق على المؤمن المتقي بانه رشيد وعاقل لأنه أبصر الحق واتبعه ولم يتبع الهوى فعن ابي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ما العقل؟ قال: ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان قال: قلت: فالذي كان في معاوية؟ فقال: تلك النكراء! تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل، وليست بالعقل(.)42

 بينما العاقل في نظر الماديين له تفسيرات مغايرة ومباينة تماما عن النظرة الإسلامية، فالحق عند هؤلاء ما ينساق ويتماشى مع رغباتهم وشهواتهم وميولهم النفسي والجنسي وان كان مخالف مع فطرتهم السليمة.

 فمثلا مفردة الشذوذ فهي تدل على ان هذا الشيء شاذ عن القاعدة ومخالف عما هو مألوف ومعتاد لدى اذواق وطبيعة المجتمع الإنساني، ولذا يطلق عليه انه شاذ.

وهذا الشذوذ بطبيعة الحال لم يتأت من فراغ وعبث انما بسبب مخالفته لسنة الحياة، والطبيعة البشرية.

فاللواط هو شذوذ جنسي مخالف لطبيعة وتكوين الانسان وناهيك عن اثاره الخطيرة والكثيرة والمتنوعة، ومرفوض عقلا وفطرة وانسانيا، ومع ذلك يغض الطرف عنه وتوضع له صبغة جمالية من المفردات والمسميات المهذبة، والفاظ وعناوين براقة، وتخلق له مبررات كثيرة حتى يتماشى مع المجتمع والحياة كلفظة الزواج المثلي وانه من الحرية الشخصية وينبغي التعاطف مع هذه الشريحة الشاذة عن قانون الطبيعة.

فالإسلام ينظر الى هذا السلوك الشاذ والمنحرف، على انه نابع من الفسق والشهوة وخفة العقل، ولا ينم عن الرشد الانساني.

ولذا نلاحظ التوبيخ والاستنكار من نبي الله لوط لقومه قال تعالى )أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ.

أراد بذلك تحريك عقولهم وايقاظ قلوبهم وارجاعهم الى فطرتهم السليمة والى الأعراف والأخلاق الإنسانية، ولكن الهوى يعمي البصيرة، ويستحوذ على النفوس المريضة، فتنقلب الموازين الأخلاقية والعرفية والإنسانية ويصبح المنكر معروفا والمعروف منكرا، عن ابن صدقة، عن جعفر، عن أبيه )عليهما السلام ( أن النبي صلى الله عليه وآله قال: كيف بكم إذا فسد نساؤكم، وفسق شبانكم، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر، فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم وشر من ذلك؟

كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، ونهيتم عن المعروف، قيل يا رسول الله ويكون ذلك؟ قال: نعم، وشر من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا.43

ومن المبكي ان تعاليم الديانة المسيحية تحرم عمل قوم لوط لكن تجد علمائهم في حالة من الارباك في مواقفهم امام هذا الانحراف الإنساني الواضح.[17]

فمن جهة اصطدامهم مع أحكام دينهم التي لا تسمح بفعله وتندد به.

ومن جهة أخرى يخشون ردة فعل المجتمعات الأوروبية والمنظمات الدولية والمدنية من انتقاداتهم إذا ما حرموا التعاطي مع اللواط بل حتى يتعرضوا للمساءلة في المحاكم حتى ولو كان المنتقد له شخصا مسؤولا كبيرا في الدولة.

وهذا ما حصل بالفعل مع وزيرة الداخلية في فنلندا كما تناقلتها الأخبار فقد جاء فيها:

بدأت مؤخراً محاكمة وزيرة الداخلية الفنلندية السابقة بايفي راسانين بتهمة نشر خطاب الكراهية ضد المثليين بعد تصريحات قالت فيها إنها تستند إلى الإنجيل.

وتوجه النيابة لراسانين اتهامات الإدلاء بتصريحات مهينة تكررت ثلاث مرات، بما في ذلك تغريدة نشرتها على حسابها على تويتر في 2019 وكانت الصور المرفقة بالتغريدة تحتوي على نصوص من الإنجيل.

وحملت التغريدة سؤالا عن سبب دعم الكنيسة اللوثرية الفنلندية لأسبوع فخر فنلندا. وكانت الصور المرفقة بالتغريدة تحتوي على نصوص من الإنجيل يبدو أنها تصف المثلية الجنسية بأنها أفعال مشينة.

ونفت الوزيرة السابقة الاتهامات الموجهة إليها، معلنة أنها لا تزال مقتنعة بما جاء في تصريحاتها السابقة. ودخلت راسانين إلى المحكمة، تحمل في يدها نسخة من الإنجيل، وقالت إنها تشرفت بالدفاع عن حرية التعبير والدين. وأضافت آمل أن يتضح للجميع اليوم أنني لا أرغب في الإساءة إلى أي جماعة، لكنها مسألة إنقاذ الناس من أجل الحياة الأبدية.

وقال النائب العام الفنلندي عندما أعلنت تلك الاتهامات للمرة الأولى في أبريل الماضي، إن راسانين أدلت بتصريحات من شأنها أن تثير التعصب، والازدراء والكراهية ضد المثليين.

وستتخذ المحكمة القرار بشأن الاستشهاد بنصوص من الإنجيل، الذي يعتبر جرماً في بعض الحالات في فنلندا.

يذكر أن بايفي راسانين كانت وزيرة الداخلية في فنلندا  في الفترة بين 2011 و 2015.



 

 

1   سورة هود آية 78

2   سورة الأعراف آية 80

3   - سورة الحجر آية 67

4- سورة الذاريات آية 36 

5- -سورة هود آية 77

6- سورة الزمر اية 48

7- سورة الحجر اية 72

8- سورة المائدة اية 48

9- سورة التوبة اية 10

10- سورة يونس اية 101

11- سورة النحل اية 27

12- سورة ال عمران اية 194

13- سورة الحجر اية 68

14- سورة النساء اية 6

15- سورة البقرة اية 282

16- سورة البقرة اية 130 

17- سورة الجن اية 2

18- سورة الجن اية 4

19- سورة هود اية 97

20-  سورة الشعراء اية 165

21-  سورة النمل اية 55

22-  سورة النمل 167

23-  سورة الأعراف اية 81

24-  سورة الأعراف اية 85

25- سورة طه اية 74

26- سورة هود اية 83

27- سورة الحجر اية 63

28- سورة القمر اية 36

29- سورة النجم اية 55

30- سورة النمل اية 55

31- سورة الحجر اية 72

32- سورة العنكبوت اية 34 

33- سورة الأنبياء اية 74

34- سورة العنكبوت اية 30

35- سورة هود اية 82

36- سورة العنكبوت اية 29 

37- سورة الذاريات اية 37

38- سورة الصافات اية 137

39- ميزان الحكمة ج 4 ص 2806

40-  نفس المصدر

41-  نفس المصدر

42- الكافي ج 1 ص 11

43-بحار الانوار ج51 ص 181

 


تعليقات

المتابعون

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حرز الامام الجواد عليه السلام هو نافع لدفع شر الجن والانس والحسد والشرور الكثيرة

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ اللَّهُمَّ رَبَّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ وَ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ وَ قَاهِرَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ وَ خَالِقَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ مَالِكَهُ كُفَّ عَنَّا بَأْسَ أَعْدَائِنَا وَ مَنْ أَرَادَ بِنَا سُوءاً مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ أَعْمِ أَبْصَارَهُمْ وَ قُلُوبَهُمْ وَ اجْعَلْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ حِجَاباً وَ حَرَساً وَ مَدْفَعاً إِنَّكَ رَبُّنَا لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ لَنَا إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا وَ إِلَيْهِ أَنَبْنَا وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ- رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَ اغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏ رَبَّنَا عَافِنَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ‏ آخِذٌ بِناصِيَتِها وَ مِنْ شَرِّ مَا يَسْكُنُ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ سُوءٍ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَ إِلَهَ الْمُرْسَلِينَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَجْمَ

احاديث اهل البيت في النفاق

نقلا عن كتاب ميزان الحكمة لريشهري   الإمام علي (عليه السلام) : النفاق يفسد الإيمان .  عنه (عليه السلام): النفاق أخو الشرك. - عنه (عليه السلام): النفاق توأم الكفر ). -  رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن النفاق يبدو لمظة سوداء، فكلما ازداد النفاق عظما ازداد ذلك السواد، فإذا استكمل النفاق اسود القلب . النفاق شين الأخلاق  -  الإمام علي (عليه السلام) : النفاق شين الأخلاق. - عنه (عليه السلام): ما أقبح بالإنسان ظاهرا موافقا، وباطنا منافقا! . - عنه (عليه السلام): ما أقبح بالإنسان أن يكون ذا وجهين! . - عنه (عليه السلام): الخيانة رأس النفاق . علة النفاق    الإمام علي (عليه السلام) : نفاق المرء من ذل يجده في نفسه . - عنه (عليه السلام): النفاق من أثافي الذل . - عنه (عليه السلام):  الكذب  يؤدي إلى النفاق . صفة  المنافق   -  الإمام علي (عليه السلام) :  المنافق  لنفسه مداهن، وعلى الناس طاعن . - عنه (عليه السلام):  المنافق  قوله جميل، وفعله الداء الدخيل . - عنه (عليه السلام):  المنافق  لسانه يسر، وقلبه يضر . - عنه (عليه السلام):  المنافق  وقح غبي، متملق شقي . - عنه (عليه السلام):  المنافق  مكور مضر

دُعاء القدحِ عظيمُ الشأنِ مكتوب

  دُعَاءُ الْقَدَحِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ بِاسْمِهِ الْمُبْتَدَإِ رَبِّ الْآخِرَةِ وَ الْأُولَى لَا غَايَةَ لَهُ وَ لَا مُنْتَهَى رَبِّ الْأَرْضِ وَ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى الرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىٰ. لَهُ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا وَ مٰا تَحْتَ الثَّرىٰ. وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفىٰ اللَّهُ عَظِيمُ الْآلَاءِ دَائِمُ النَّعْمَاءِ قَاهِرُ الْأَعْدَاءِ [رَحِيمٌ بِخَلْقِهِ] عَاطِفٌ بِرِزْقِهِ مَعْرُوفٌ بِلُطْفِهِ عَادِلٌ فِي حُكْمِهِ عَالِمٌ فِي مُلْكِهِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ رَحِيمُ الرُّحَمَاءِ- عَالِمُ الْعُلَمَاءِ صَاحِبُ الْأَنْبِيَاءِ غَفُورُ الْغُفَرَاءِ قَادِرٌ عَلَى مَا يَشَاءُ سُبْحَانَ اللَّهِ الْمَلِكِ الْوَاحِدِ الْحَمِيدِ ذِي الْعَرْشِ الْمَجِيدِ الْفَعَّالِ لِمَا يُرِيدُ رَبِّ الْأَرْبَابِ وَ مُسَبِّبِ الْأَسْبَابِ وَ سَابِقِ الْأَسْبَاقِ وَ رَازِقِ الْأَرْزَاقِ وَ خَالِقِ الْأَخْلَاقِ قَادِرٍ عَلَى مَا يَشَاءُ مُقَدِّرِ الْمَقْدُورِ وَ قَاهِرِ

بحث حول النفاق

النفاق : هو ان يظهر الانسان شيئا حسنا من عمل او فعل او قول بخلاف ما يضمره في باطنه فالمنافق له حالتان حالة ظاهرية توافقية مع الناس وحالة باطنية تغاير ظاهريته ، وقد اشار امير المؤمنين عليه السلام الى هذا المعنى بقوله( ما أقبح بالإنسان ظاهرا موافقا و باطنا منافقا 1 . وهذه الازدواجية في التعامل ناشئة من دواعي كثيرة في نفس المنافق سيأتي الحديث عنها لاحقا ان شاء الله تعالى . والنفاق تارة يكون في العقيدة كأن يظهر المنافق الإيمان بأصول الدين كالتوحيد والمعاد والنبوة ويظهر التزامه بفروع الدين كالصلاة والصوم ولكنه باطنه يخادع الله ورسوله والناس وما يخادع إلا نفسه قال تعالى ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ) 2 وقوله تعالى ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ( 142 ) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا

بحث حول ( اهمية التوبة )

إن التوبة كالماء الذي ينزل من السماء على الارض الميتة فيكسوها الحياة بعد الممات وكذا القلب التائب بعد أن هيّأ ارضية قلبه -من خلال الندم والتوبة والاستغفار - بأن تكون خصبة صالحة للتطهير والتزكية ما ان تنهمر على قلبه سحائب الرحمة ومفاتيح الرأفة فتحي القلب بالحياة بعد الممات والنور بعد الظلمات واليقظة بعد الغفلة والسبات.  فالقرآن الكريم يِعدّ الغارق في مستنقع الذنوب والكنود انه ميت الأحياء وأنه في ظلمات ليس بخارج منها إلا بالأوبة والنزوع عن الحوبة قال تعالى ( أ َوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ . 1 فالتوبة هي رجوع العبد إلى دوحة الرحمة والعفو والغفران مما فرّط في حق ربه من الذنوب والعصيان ، وأن فتح باب التوبة أمام عباده العاصين وقبولها لهي من أعظم النعم والمنح النازلة من فيض رحمته الواسعة على عباده التائبين روي عن الإمام علي (عليه السلام): من تاب تاب الله عليه وأمرت جوارحه أن تستر عليه، وبقاع الأرض أن تكتم عليه، وأنسيت الحفظة ما كانت تكتب عليه 2 . وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) وقد سمعه معاوية بن وهب يقول : إذا تاب الع

بحث حول لقمة الحرام وتاثيرها على قلب المؤمن

لا شك ان هناك علائق وروابط بين الامور المادية والمعنوية بحيث نلاحظ تأثير أحدهما على الآخر فانشراح القلب وانبساطه عامل دفع ومحرك نحو العمل وضيق الصدر وقسوته وظلمته عامل مثّبط للعمل  . وكذلك الكلام في مسالة لقُمة الحرام وتاثيرها الفاعل في تلويث القلب وما لها من الآثار الوضعية على القلب بحيث يعمى القلب عن رؤية الحق واستماع للحق واتباع الحق ومثقلة للعبادات وسالبة للتوفيق   ومن الإشارات إلى هذه النكتة كلام الإمام الحسين عليه السلام مع جيش ابن سعد قبل أن يلتقي المعسكران قال سلام الله عليه ((... وَيْلَكُمْ ما عَلَيْكُمْ اَنْ تَنْصِتُوا اِلَيّ فَتَسْمَعُوا قَوْلي وَاِنَّما اَدْعُوكُم الى سَبيلِ الرَّشادِ فَمَنْ اَطاعَنِي كانَ مِنَ الْمُرْشَدِينَ وَمَنْ عَصانِي كانَ مِنَ الْمُهْلَكِينَ وَكُلُّكُمْ عاصٍ لأمري غَيْرُ مُسْتَمِعٍ لِقَوْلي قَدِ انْخَزَلَتْ عَطِيّاتُكُمْ مِنَ الْحَرامِ وَمُلِئَتْ  بُطُونُكُمْ مِنَ الْحَرام فَطَبعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيْلَكُمْ اَلا تَنْصِتُونَ اَلا تَسْمَعُونَ؟... تَبّاً لَكُمْ اَيَّتها الْجَماعَةُ وَتَرَحاً .  1 ولقد ضرب القرآن الكريم نموذجا عن المرابي الذي