الاستخفاف بالصلاة
ان موارد الاستخفاف بالصلاة كثيرة لأن اي تقصير وعدم المبالاة بالصلاة ومقدماتها وشرائطها يعد بلا شك استخفافا بها بل يعد من اوضح مصاديق الاستخفاف بالمصلى له سبحانه ، لأن الصلاة عبارة عن وسيلة شريفة لإظهار العبودية والتذلل له تعالى ولكي يكون في معيته وعنايته وفي ديمومة الانجذاب والاحتياج اليه وحتى يستمد منه التسديد والتوفيق والهداية.
وان الاستخفاف بالصلاة هو استخفاف بآثارها المعنوية، وابعادها التربوية، والزهد بالكرامات التي تحُبى لمن جلّها بحفظ أوقاتها والاعتناء بشرائطها وحفظ حدودها، وقد وردت روايات كثيرة تذم وتوعد المستخف بصلاته فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: " لَيْسَ مِنّى مَنِ اسْتَخَفَّ بِصلاتِهِ، لا يَرِدُ عَلىَّ الحَوْضَ لا وَ اللّهِ، لَيْسَ مِنّى مَنْ شَرِبَ مُسْكِرا، لا يَرِدُ عَلىَّ الحَوْضَ لا وَاللّهِ..(1) وورد عن الإمام الصادق عليه السلام: " إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة (2).’
وعَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَمِيدَةَ ـ زوجة الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) ـ أُعَزِّيهَا بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) ، فَبَكَتْ وَ بَكَيْتُ لِبُكَائِهَا ، ثُمَّ قَالَتْ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَوْ رَأَيْتَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) عِنْدَ الْمَوْتِ لَرَأَيْتَ عَجَباً ، فَتَحَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ : " اجْمَعُوا لِي كُلَّ مَنْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ قَرَابَةٌ قَالَتْ : فَلَمْ نَتْرُكْ أَحَداً إِلَّا جَمَعْنَاهُ .
قَالَتْ : فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ : " إِنَّ شَفَاعَتَنَا لَا تَنَالُ مُسْتَخِفّاً بِالصَّلَاةِ " .(3)
ونذكر بعض الامثلة من موارد الاستخفاف بالصلاة:
موارد الاستخفاف بالصلاة
اولا : ترك الصلاة:
ان ترك الصلاة من أوضح مصاديق الاستخفاف بها والزهد فيها وقد عُدّ تارك الصلاة ممن وقع في الكفر قال تعالى ( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) المدثر وقال سبحانه ( فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31) وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى .4
وروي عن مسعدة بن صدقة أنه قال: " وسُئِلَ الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) : مَا بَالُ الزَّانِي لَا تُسَمِّيهِ كَافِراً وَ تَارِكُ الصَّلَاةِ قَدْ سَمَّيْتَهُ كَافِراً وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ ؟ فَقَالَ ( عليه السلام ) : " لِأَنَّ الزَّانِيَ وَمَا أَشْبَهَهُ إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِمَكَانِ الشَّهْوَةِ لِأَنَّهَا تَغْلِبُهُ وَ تَارِكُ الصَّلَاةِ لَا يَتْرُكُهَا إِلَّا اسْتِخْفَافاً بِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّكَ لَا تَجِدُ الزَّانِيَ يَأْتِي الْمَرْأَةَ إِلَّا وَهُوَ مُسْتَلِذٌّ لِإِتْيَانِهِ إِيَّاهَا قَاصِداً إِلَيْهَا وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ قَاصِداً إِلَيْهَا فَلَيْسَ يَكُونُ قَصْدُهُ لِتَرْكِهَا اللَّذَّةَ فَإِذَا نُفِيَتِ اللَّذَّةُ وَقَعَ الِاسْتِخْفَافُ وَإِذَا وَقَعَ الِاسْتِخْفَافُ وَقَعَ الْكُفْرُ " .(5)
روي عن الإمام علي (عليه السلام): تَعَاهَدُوا أَمْرَ الصَّلَاةِ وَحَافِظُوا عَلَيْهَا وَاسْتَكْثِرُوا مِنْهَا وَتَقَرَّبُوا بِهَا فَإِنَّهَا كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً أَ لَا تَسْمَعُونَ إِلَى جَوَابِ أَهْلِ النَّارِ حِينَ سُئِلُوا ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ . (6)
روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما بين المسلم وبين الكافر إلا أن يترك الصلاة الفريضة متعمدا، أو يتهاون بها فلا يصليها.(7)
وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام): لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة. (8)
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): بين الإيمان والكفر ترك الصلاة. (9)
روي عنه (صلى الله عليه وآله):
روي عنه (صلى الله عليه وآله): مَنْ تَرَكَ صَلاتَهُ حَتّى تَفُوتَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، ثُمَّ قالَ: بَيْنَ الْعَبْدِ وَ بَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ. (11)
روي عنه (صلى الله عليه وآله): من ترك الصلاة لا يرجو ثوابها ولا يخاف عقابها، فلا أبالي أن يموت يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا. (12)
ثانيا : عدم المحافظة على أوقات الصلاة
ومن موارد الاستخفاف بالصلاة وهو عدم المحافظة على أوقاتها، وهي ظاهرة كثيرة الانتشار، حيث أن تسويف أوقات الصلاة مسألة طبيعية ورائجة، بحيث يتم تسويفها لأبسط الامور، وتُقّدم على وقت الصلاة وقد أوردنا بعض الكلام في هذا الموضوع في البحوث السابقة فراجع.
روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): حافظوا على الصلوات الخمس، فإنَّ الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة يدعو بالعبد، فأوّل شيء يُسأل عنه الصلاة، فإن جاء بها تامّاً وإلّا زُخَّ (زُجَّ) في النار». (13)
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم : لَا يَزَالُ الشَّيْطَانُ ذَعِراً (٢) مِنَ الْمُؤْمِنِ مَا حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ (٣) ، فَإِذَا ضَيَّعَهُنَّ تَجَرَّأَ عَلَيْهِ ، فَأَدْخَلَهُ فِي الْعَظَائِمِ (٤) ». (14)
ثالثا الصلاة كنقر الغراب
ومن الأمور التي تعد استخفافا واضحا بالصلاة هو ما يمارسه بعض المصلين عند أداء صلاتهم وهو عدم الطمأنينة في أفعال الصلاة كالركوع والسجود ، والعجلة المفرطة في ادائها فعَنْ زُرَارَةَ : عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : « بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم جَالِسٌ (٢) فِي الْمَسْجِدِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ ، فَقَامَ يُصَلِّي ، فَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ (٣) وَلَا سُجُودَهُ ، فَقَالَ (٤) صلى الله عليه وآله وسلم : نَقَرَ كَنَقْرِ الْغُرَابِ ، لَئِنْ مَاتَ هذَا وَهكَذَا صَلَاتُهُ ، لَيَمُوتَنَّ (٥) عَلى غَيْرِ دِينِي (٦) ».(15)
روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا صلاة لمن لا يتم ركوعها وسجودها.(16)
وغير ذلك من الموارد الكثيرة التي يصدق على الشخص أنه مستخف بصلاته كعدم تعلم الصلاة بصورة صحيحة ومن ضمنها القراءة الصحيحة او النظر الكثير لمن حوله.
1- من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 2.6
2- نفس المصدر
3- بحار الأنوار: 47 / 2
4- سورة المدثر آية 43
5- سورة القيامة آية 32
6- الكافي: 2 / 386
7- نهج البلاغة
8- ميزان الحكمة ج 2 ص 1644
9- ميزان الحكمة ج 2 ص 1644
10-نفس المصدر
11- نفس المصدر
12- نفس المصدر
13- نفس المصدر
14- بحار الأنوار ج 79 ص 202
15- وسائل الشيعة ج 6 ص 432
تعليقات