التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ

بحث حول النظرة المحرمة


بحث حول النظرة المحرمة

ان هذا البحث من المباحث المهمة لكثرة ما يُبتلى به المؤمن وقلنا المؤمن لشمول المسالة الذكر والأنثى فكلاهما مبتلان بهذه الآفة الكبيرة خلافا لما هو مرتكز في اذهان البعض كما سيأتي ذكره ان شاء الله .

من المعلوم ان الفيروسات والجراثيم تنتشر حولنا بكثرة كبيرة وقد يُصاب الانسان بها فتسبب له الامراض الكثيرة مما قد تؤدي الى هلاكه ولذا ينصح الاطباء بضرورة الابتعاد عن الاماكن التي تتواجد فيها الجراثيم واستعمال الاساليب النافعة للوقاية والحد منها. 

 وكذا الحال في موجبات المعاصي والذنوب فأنها تنتشر في اماكن كثيرة كالجراثيم فينصح اطباء القلوب بضرورة الوقاية منها وذلك بالابتعاد عن اماكن تواجدها ومن هذه الفيروسات الضارة بقلب المؤمن هي النظرة المحرمة فان تعاقب النظرات المريبة تعطب حيوية القلب فلا يشعر الناظر بعدها بأي حرج مما يقترف من النظرات الشهوانية لأنها صارت عادة مباحة من افعاله الاعتيادية كشربة ماء 

 ينقل صاحب البحار في كتابه عن الامام الحسين عليه السلام وهو يتحدث مع عبد الله بن عمر قبل خروجه الى كربلاء فقال سلام الله عليه : يا أبا عبد الرحمان  ...أما تعلم أن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيا ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كأن لم يصنعوا شيئا

اقول : لان قلوبهم شربت وارتوت من معاصي الله تعالى حتى تخمت فقست فهي كالحجارة او اشد قسوة فلا يرون بعدها في اعمالهم السيئة أي حرج .

وكذلك المسالة في كثرة تتابع النظرات فأنها تطبع على القلب حتى يعمى عن رؤية بشاعة وقبح المعصية.

روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : النظرة المحرمة الاولى خطأ والثانية عمد والثالثة تدمر . ٢ وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام): أول النظرة لك ، والثانية عليك ولا لك ، والثالثة فيها الهلاك

ان مفردتي التدمير والهلاك اللذان استعمالهما المعصومان 

( صلوات الله عليهما والهما اجمعين ) لعله بسبب خطورة المنزلق الذي اوصل الشخص فيه نفسه . 

ومن المفيد ان نقول ان النظرة الاولى - لك او خطأ - كما في الحديثين الشريفين في حال لم يك الناظر قاصدا النظرة المحرمة في بادئ ذي بدأ وإلا لو كان ناويا وقاصدا النظرة المحرمة من اول الامر لكانت الاولى محرمة ايضا والله العالم .

فقد ورد عن جرير : سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن نظرة الفجاءة ، فأمرني أن أصرف بصري. (٤)

والفجاءة :هي النظرة من غير ان يتهيأ ويستعد لها الناظر. 

  

اتساع قنوات النظرة المحرمة:

ان القفزة العلمية التي شهدها عالمنا المعاصر وخاصة في مجال الاجهزة الالكترونية ساهمت في ايجاد قنوات عديدة ، وفتحت الباب على مصراعيه حيث أتاحت المجال الواسع لمن اراد اقتحام الحِمى أي النظر المريب من دون عناء يذكر .

فالوصول الى المنافذ المحرمة عن طريق التلفاز والنقال والكمبيوتر فهي سهلة الحصول وفي متناول الجميع .

ان هذا البلاء قصم ظهر البعير كما يقال في المثل ، فهذه الاجهزة تعد قاصمة ومفسدة لاخلاق الافراد والأسر والمجتمعات إلا ما رحم ربك.

فان النظر الى بدن المرأة وكذا الرجل اصبح في متناول اليد وسهل المؤونة فما ان يخلع الرجل والمرأة جلباب الحياء من الله سبحانه ولم يعيرا اهتماماً وحياءً ما يقدمان عليه فلا ريب انهما لن يتورعا عن النظرة المريبة الى بدن الاخر .

ولذا ورد الامر في كتاب الله العزيز بوجوب إغضاض البصر وحفظ الفرج لكليهما أي الرجل والمرأة على حد سواء لعلة وجود الموجبات والدوافع الغريزية فيهما .

قال تعالى(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) ٥.

 ولعله والله العالم ان تقديم إغضاض البصر على حفظ الفرج وهو ان إغماض البصر عامل منع في حفظ الفرج وعفته وزكاة للنفس من الوقوع في دنس الفاحشة فكأنما الآية تقول غضوا ابصاركم لكي تحفظوا فروجكم وبحفظ الفروج تزكى النفوس قال سبحانه ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا.)٦ في سعد السعود : قرأت في الانجيل : قال عيسى عليه السلام: سمعتم ما قيل للاولين لا تزنوا ، وأنا أقول لكم : إن من نظر إلى امرأة فاشتهاها فقد زنى بها في قلبه. إن خانتك عينك اليمنى فاقلعها وألقها عنك ، لأنه خير لك أن تهلك أحد أعضائك ولا تلقي جسدك كله في نار جهنم ...الخ ٧

وروي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : : اجتمع الحواريون إلى عيسى عليه السلام فقالوا له : يا معلم الخير أرشدنا:..فقال : إن موسى نبي الله عليه السلام أمركم أن لا تزنوا ، وأنا آمركم أن لا تحدثوا أنفسكم بالزنا فضلا عن أن تزنوا ، فإن من حدّث نفسه بالزنا كان كمن أوقد في بيت مزوق فأفسد التزاويق الدخان وإن لم يحترق البيت .. (٨).

إذن فالنظرات المريبة هي مقدمات وخطوات للوقوع في فخ ابليس اللعين ولذا جاء التحذير من قبل القران الكريم بعدم اتباع خطوات الشيطان قال تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ 

وان من زخرف القول ما قد يُقال ان النظر المريب من للم المعاصي والذنوب وأنها لا تؤثر  على ايمان المؤمن .

فان جسم الانسان قد يصاب بفيروس لا يكاد ان يُرى إلا بالمجهر ولكنه يقضي على صاحبه وكذا النظرات المحرمة فأنها سهام سامة تضرب ادق جهاز عند الانسان المؤمن وهو قلبه فيتمرض القلب بالتدريج ويصاب بالأمراض الكثيرة روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة .١٠

يقول الشاعر: نظرة فابتسامة فكلام فموعد فلقاء.

اذن فالنظرة المحرمة هي سلاح الشيطان ومصيدته روي عن الإمام علي (عليه السلام): العيون مصائد الشيطان .١١ وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام): يا بن جندب ! إن عيسى بن مريم (عليه السلام) قال لأصحابه :...: إياكم والنظرة فإنها تزرع في القلب الشهوة وكفى بها لصاحبها فتنة، طوبى لمن جعل بصره في قلبه ولم يجعل بصره في عينه.١٢ .

ان النظر المحرم يتسبب في هيجان الشهوة في النفس وبالتالي يؤدي الى اعماء القلب عن إراءة طريق الحق فروي عن علي عليه السلام انه قال : إذا أبصرت العين الشهوة عمي القلب عن العاقبة).

 فمن الضروري لوقاية النفس من هذا الداء الوبيل استشعار الحضور الالهي في القلب المؤمن ، وانه سبحانه مطلع على خائنة الاعين وما تخفي الصدور روي عن  علي عليه السّلام : اِتَّقُوا مَعَاصِيَ اَللَّهِ فِي اَلْخَلَوَاتِ فَإِنَّ اَلشَّاهِدَ هُوَ اَلْحَاكِمُ . ١٣

ان من المخجل ان ينصرف شخص عن المعصية لوجود طفل مميّز حاضر عنده فيرتدع  عن الفاحشة خجلا منه او خوفا منه ان يكشف امره ، ولكنه لا يرتدع ولا يخجل من الله تعالى المطلع على خفايا الصدور مغترا بحلمه وستره غير عابئ بعظمته وسطوته يقول تعالى (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ )( ١٤) وسئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): بما يستعان على غمض البصر ؟ فقال : بالخمود تحت سلطان المطلع على سترك .١٥

ثم ان الشهوة البصر تهّيج غرائز النفس وتتعبها وتجعل الشخص في اضطراب فكري ونفسي بحيث يبقى ساعيا وباحثا عن ارتواء عطشه الشهوي فيبقى في دوامة مستمرة يناله الاعياء والإرهاق والنصب وناهيك عن اكتساب الآثام واستنزال سخط الجبار فروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله):من ملأ  عينه من حرام ملأ الله عينه يوم القيامة من النار، إلا أن يتوب ويرجع  ١٦وروي عنه (صلى الله عليه وآله): اشتد غضب الله عز وجل على امرأة ذات بعل ملأت عينها من غير زوجها أو غير ذي محرم منها ١٧.

ومن مفاسد هذه الافة انها تضّعف عزيمة المؤمن وتثبّط معنوياته الروحية ومن مضاعفاتها ان المتغول في هذا المرض في كثير من الاحيان لا يجد في نفسه الاقبال المطلوب على العبادات والطاعات بل الكسل والفتور والإدبار يُخّيم على بدنه وروحه بسبب سقوطه في مصيدة الشيطان والنفس الامارة بالسوء فيضعف عن النهوض بنشاط وعزيمة.

وان هذه المغريات موجودة – أي الصور والدعايات الماجنة - حيثما وجهّت عينيك كالإعلانات الضاربة في الاسواق والشوارع والتلفاز والملابس وحتى اكياس التبضع الى اخره هي لاصطياد المؤمن ، وهذه لم تك وجودها محل صدفة واتفاق بل يتواجد وراء الكواليس اناس مجندين همهم الوحيد هو تدمير اخلاق المسلم وتجريده من هويته الايمانية  .

ولذا من الواجب على المؤمن الكيس لسلامة قلبه وبقاء نقاوته والحفاظ على قوة ارادته وعزيمته ان يتورع عن هذه المحرمات ويتدرع بجلباب الحياء والخوف من الله سبحانه والابتعاد عن الاجواء والأماكن التي تتواجد فيها هذه المغريات حتى لا يُهّيج غرائزه الكامنة تحت الرماد والاستعانة بالله تعالى من كل ذلك فروي عن الإمام علي (عليه السلام): إذا رأى أحدكم امرأة تعجبه فليأت أهله ، فإن عند أهله مثل ما رأى ، ولا يجعلن للشيطان إلى قلبه سبيلا، وليصرف بصره عنها، فإن لم تكن له زوجة فليصل ركعتين ويحمد الله كثيرا، ويصلي على النبي وآله ، ثم ليسأل الله من فضله فإنه يبيح له برأفته ما يغنيه .١٨



١- مثير الاحزان ج ٢ ص ٢٨

٢- ميزان الحكمة ج ١٠ ص ٢٨٤

٣- نفس المصدر

٤- نفس المصدر 

٥- سورة النور اية ٣١

٦- سورة الشمس اية ٩

٧- عوالئ اللالئ ج ٢ ٢٠٢

٨- النور اية ٢١

٩- ميزان الحكمة ج ١٠ ص ٢٨٤

١٠- غرر الحكم ١٧٤

١١- ميزان الحكمة ج. ١٠ ص ٢٧٧

١٢- غرر الحكم ج ١ ص ٢١١

١٣- نهج البلاغة ج ٤ ص ٥٤

١٤- النساء اية ١٠٨

١٥- ميزان الحكمة ج ١٠ ص ٢٨٦

١٦- مسترك سفينة البجار ص ٨٦

١٧- ميزان الحكمة ج ١٠ ص ٢٨٢

١٨- نفس المصدر 











تعليقات

المتابعون

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حرز الامام الجواد عليه السلام هو نافع لدفع شر الجن والانس والحسد والشرور الكثيرة

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ اللَّهُمَّ رَبَّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ وَ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ وَ قَاهِرَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ وَ خَالِقَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ مَالِكَهُ كُفَّ عَنَّا بَأْسَ أَعْدَائِنَا وَ مَنْ أَرَادَ بِنَا سُوءاً مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ أَعْمِ أَبْصَارَهُمْ وَ قُلُوبَهُمْ وَ اجْعَلْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ حِجَاباً وَ حَرَساً وَ مَدْفَعاً إِنَّكَ رَبُّنَا لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ لَنَا إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا وَ إِلَيْهِ أَنَبْنَا وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ- رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَ اغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏ رَبَّنَا عَافِنَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ‏ آخِذٌ بِناصِيَتِها وَ مِنْ شَرِّ مَا يَسْكُنُ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ سُوءٍ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَ إِلَهَ الْمُرْسَلِينَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَجْمَ

احاديث اهل البيت في النفاق

نقلا عن كتاب ميزان الحكمة لريشهري   الإمام علي (عليه السلام) : النفاق يفسد الإيمان .  عنه (عليه السلام): النفاق أخو الشرك. - عنه (عليه السلام): النفاق توأم الكفر ). -  رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن النفاق يبدو لمظة سوداء، فكلما ازداد النفاق عظما ازداد ذلك السواد، فإذا استكمل النفاق اسود القلب . النفاق شين الأخلاق  -  الإمام علي (عليه السلام) : النفاق شين الأخلاق. - عنه (عليه السلام): ما أقبح بالإنسان ظاهرا موافقا، وباطنا منافقا! . - عنه (عليه السلام): ما أقبح بالإنسان أن يكون ذا وجهين! . - عنه (عليه السلام): الخيانة رأس النفاق . علة النفاق    الإمام علي (عليه السلام) : نفاق المرء من ذل يجده في نفسه . - عنه (عليه السلام): النفاق من أثافي الذل . - عنه (عليه السلام):  الكذب  يؤدي إلى النفاق . صفة  المنافق   -  الإمام علي (عليه السلام) :  المنافق  لنفسه مداهن، وعلى الناس طاعن . - عنه (عليه السلام):  المنافق  قوله جميل، وفعله الداء الدخيل . - عنه (عليه السلام):  المنافق  لسانه يسر، وقلبه يضر . - عنه (عليه السلام):  المنافق  وقح غبي، متملق شقي . - عنه (عليه السلام):  المنافق  مكور مضر

دُعاء القدحِ عظيمُ الشأنِ مكتوب

  دُعَاءُ الْقَدَحِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ بِاسْمِهِ الْمُبْتَدَإِ رَبِّ الْآخِرَةِ وَ الْأُولَى لَا غَايَةَ لَهُ وَ لَا مُنْتَهَى رَبِّ الْأَرْضِ وَ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى الرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىٰ. لَهُ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا وَ مٰا تَحْتَ الثَّرىٰ. وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفىٰ اللَّهُ عَظِيمُ الْآلَاءِ دَائِمُ النَّعْمَاءِ قَاهِرُ الْأَعْدَاءِ [رَحِيمٌ بِخَلْقِهِ] عَاطِفٌ بِرِزْقِهِ مَعْرُوفٌ بِلُطْفِهِ عَادِلٌ فِي حُكْمِهِ عَالِمٌ فِي مُلْكِهِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ رَحِيمُ الرُّحَمَاءِ- عَالِمُ الْعُلَمَاءِ صَاحِبُ الْأَنْبِيَاءِ غَفُورُ الْغُفَرَاءِ قَادِرٌ عَلَى مَا يَشَاءُ سُبْحَانَ اللَّهِ الْمَلِكِ الْوَاحِدِ الْحَمِيدِ ذِي الْعَرْشِ الْمَجِيدِ الْفَعَّالِ لِمَا يُرِيدُ رَبِّ الْأَرْبَابِ وَ مُسَبِّبِ الْأَسْبَابِ وَ سَابِقِ الْأَسْبَاقِ وَ رَازِقِ الْأَرْزَاقِ وَ خَالِقِ الْأَخْلَاقِ قَادِرٍ عَلَى مَا يَشَاءُ مُقَدِّرِ الْمَقْدُورِ وَ قَاهِرِ

بحث حول النفاق

النفاق : هو ان يظهر الانسان شيئا حسنا من عمل او فعل او قول بخلاف ما يضمره في باطنه فالمنافق له حالتان حالة ظاهرية توافقية مع الناس وحالة باطنية تغاير ظاهريته ، وقد اشار امير المؤمنين عليه السلام الى هذا المعنى بقوله( ما أقبح بالإنسان ظاهرا موافقا و باطنا منافقا 1 . وهذه الازدواجية في التعامل ناشئة من دواعي كثيرة في نفس المنافق سيأتي الحديث عنها لاحقا ان شاء الله تعالى . والنفاق تارة يكون في العقيدة كأن يظهر المنافق الإيمان بأصول الدين كالتوحيد والمعاد والنبوة ويظهر التزامه بفروع الدين كالصلاة والصوم ولكنه باطنه يخادع الله ورسوله والناس وما يخادع إلا نفسه قال تعالى ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ) 2 وقوله تعالى ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ( 142 ) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا

بحث حول ( اهمية التوبة )

إن التوبة كالماء الذي ينزل من السماء على الارض الميتة فيكسوها الحياة بعد الممات وكذا القلب التائب بعد أن هيّأ ارضية قلبه -من خلال الندم والتوبة والاستغفار - بأن تكون خصبة صالحة للتطهير والتزكية ما ان تنهمر على قلبه سحائب الرحمة ومفاتيح الرأفة فتحي القلب بالحياة بعد الممات والنور بعد الظلمات واليقظة بعد الغفلة والسبات.  فالقرآن الكريم يِعدّ الغارق في مستنقع الذنوب والكنود انه ميت الأحياء وأنه في ظلمات ليس بخارج منها إلا بالأوبة والنزوع عن الحوبة قال تعالى ( أ َوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ . 1 فالتوبة هي رجوع العبد إلى دوحة الرحمة والعفو والغفران مما فرّط في حق ربه من الذنوب والعصيان ، وأن فتح باب التوبة أمام عباده العاصين وقبولها لهي من أعظم النعم والمنح النازلة من فيض رحمته الواسعة على عباده التائبين روي عن الإمام علي (عليه السلام): من تاب تاب الله عليه وأمرت جوارحه أن تستر عليه، وبقاع الأرض أن تكتم عليه، وأنسيت الحفظة ما كانت تكتب عليه 2 . وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) وقد سمعه معاوية بن وهب يقول : إذا تاب الع

بحث حول لقمة الحرام وتاثيرها على قلب المؤمن

لا شك ان هناك علائق وروابط بين الامور المادية والمعنوية بحيث نلاحظ تأثير أحدهما على الآخر فانشراح القلب وانبساطه عامل دفع ومحرك نحو العمل وضيق الصدر وقسوته وظلمته عامل مثّبط للعمل  . وكذلك الكلام في مسالة لقُمة الحرام وتاثيرها الفاعل في تلويث القلب وما لها من الآثار الوضعية على القلب بحيث يعمى القلب عن رؤية الحق واستماع للحق واتباع الحق ومثقلة للعبادات وسالبة للتوفيق   ومن الإشارات إلى هذه النكتة كلام الإمام الحسين عليه السلام مع جيش ابن سعد قبل أن يلتقي المعسكران قال سلام الله عليه ((... وَيْلَكُمْ ما عَلَيْكُمْ اَنْ تَنْصِتُوا اِلَيّ فَتَسْمَعُوا قَوْلي وَاِنَّما اَدْعُوكُم الى سَبيلِ الرَّشادِ فَمَنْ اَطاعَنِي كانَ مِنَ الْمُرْشَدِينَ وَمَنْ عَصانِي كانَ مِنَ الْمُهْلَكِينَ وَكُلُّكُمْ عاصٍ لأمري غَيْرُ مُسْتَمِعٍ لِقَوْلي قَدِ انْخَزَلَتْ عَطِيّاتُكُمْ مِنَ الْحَرامِ وَمُلِئَتْ  بُطُونُكُمْ مِنَ الْحَرام فَطَبعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيْلَكُمْ اَلا تَنْصِتُونَ اَلا تَسْمَعُونَ؟... تَبّاً لَكُمْ اَيَّتها الْجَماعَةُ وَتَرَحاً .  1 ولقد ضرب القرآن الكريم نموذجا عن المرابي الذي